فصاح أبو بكر: يا معشر المسلمين، كل قوم أحق بجنازتهم من غيرهم، فانطلقوا إلى العباس، فكلموه وكلمته الأنصار، فأدخلوا أوس بن خولي فكان في ناحية البيت. قال ابن العباس: فبينا هم يختلفون في غسله، وقد أحضروا الماء من بئر غرس، وأحضروا سدراً وكافوراً أرسل الله عليهم النوم، فما منهم رجل إلا واضع لحيته على صدره، وقائل يقول ما يدرى من هو: اغسلوا نبيكم وعليه قميصه. فغسل في القميص، وغسل الأولى بالماء القراح، والثانية بالماء والسدر، والثالثة بالماء والكافور، وغسله علي والفضل بن عباس،، وكان الفضل رجلاً أيداً، فكان يقلبه شقران مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان العباس بن عبد المطلب بالباب. لم يمنعني أن أحضر غسله إلا أني كنت أراه يستحيي أن أراه حاسراص. وفي رواية: وكات أوس بن خولي رجلاً شديداً بحمل جرة الماء بيده. وعن جابر بن عبد الله أن كعب الأحبار قدم زمن عمر فقال: ونحن جلوس عند عمر: يا أمير المؤمنين، ما كان آخر ما تكلم به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال عمر: سل علياً. قال: أين هو؟ قال: هو ها هنا، فسأله فقال علي: أسندته إلى صدري، فوضع رأسه على منكبي فقال: الصلاة الصلاة، فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أمروا وعليه يقضون. قال: فمن غسله يا أمير المؤمنين؟ قال: سل علياً: قال: فسأله فقال: كنت أنا أغسله، وكان عباس جالساً، وكان أسامة وشقران يختلفان إلي بالماء.
وعن أبي غطفان قال: سالت ابن عباس: أرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو إلى صدر علي. قالت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين سحري ونحري. فقال ابن عباس: أيعقل! والله لتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنه لمسند إلى صدر علي، وهو الذي غسله، وأخي الفضل بن عباس وأبي أبى أن يحضر، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر.