بالحبشة، فأخذه أصحابه بالحبشة فغمّوه، فأفلت منهم مجرداً ليس عليه قشرة، فأظهر للنّجاشيّ إسلامه، فاسترجع من أصحابه جميع ماله وردّه عليه، فقدم هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة مهاجرين المدينة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتقدّم خالد فبايع، ثم تقدّم هو فبايعه على أن يغفر له ما كان قبله، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" الهجرة، والإسلام يجبّ ما قبله " ثم بعثه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على غزوة ذات السّلاسل والياً لعلمه بالحرب والمكيدة؛ وكان يلي مصر من قبل عمر بن الخطّاب، وكان يسرد الصّوم ويباشر الحروب، وشهد الفتنة. توفي بمصر والياً عليها ليلة الفطر سنة ثلاث وأربعين، ودفن يوم الفطر، وصلّى عليه ابنه عبد الله قبل صلاة الفطر، له نحو من مئة سنة. كان أحد دهاة العرب.
قال فيه النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أسلم النّاس وآمن عمرو ". وقال:" ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام ". وقال:" نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأمّ عبد الله ".
حدّث عمرو بن العاص من فيه، قال: لمّا انصرفنا من الأحزاب عن الخندق جمعت رجالاً من قريش، فأتوا يرون رأيي ويسمعون منّي، فقلت لهم: والله إني لأرى أمر محمد يعلو الأمور علوّاً منكراً وإني قد رأيت رأياً فما ترون فيه؟ قالوا: وما ذاك الذي رأيت؟ قال: قلت: رأيت أن نلحق بالنّجاشيّ فنكون معه، فإن ظهر محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قومنا كنّا عند النّجاشيّ، فإنّا أن نكون تحت يديه أحبّ إلينا من أن نكون تحت يدي محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلم يأتنا منهم إلاّ خير. قالوا: هذا الرّأي. قلت: فاجمعوا له ما يهدى له وكان أحبّ ما يهدى إليه من أرضنا الأدم فجمعنا له أدماً كثيراً، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه؛ فوالله إنّا لعنده إذ جاء عمرو بن أميّه الضّمريّ وقد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه قال: فدخل عليه، ثم خرج من عنده. قال: فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أميّة، ولو قد دخلت على النّجاشيّ فسألته إيّاه فأعطانيه،