وقال الزّبير: ثم بعث إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إني أردت أن أوجّهك وجهاً، وأرغب لك رغبةً " فقال عمرو: أمّا المال فلا حاجة لي فيه، ووجّهني حيث شئت. فقال رسول الله عليه وسلم:" نعمّا بالمال الصّالح للرّجل الصّالح ". ووجّهه قبل الشّام، وأمره أن يدعو أخوال أبيه العاص من بليّ إلى الإسلام ويستنفرهم إلى الجهاد؛ فشخص عمرو إلى ذلك الوجه، ثم كتب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستمدّه؛ فأمدّه بجيش فيهم أبو بكر وعمر، وأميرهم أبو عبيدة بن الجّراح. فقال عمرو: إنّما أنتم أميركم. فقال له أبو عبيدة: تعلم يا عمرو أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد إليّ أخالفك. فسلّم له أبو عبيدة، وصلّى خلفه.
عن طلحة بن عبيد الله، قال: سمعت النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: " إن عمرو بن العاص لرشيد الأمر ".
وعن عليّ بن رباح، قال: سمعت عمرو بن العاص يقول: كان في المدينة فزع، فتفرّقوا، فنظرت إلى سالم مولى أبي حذيفة في المسجد، عليه سيف محتبياً به، فلّما نظرت إلى سالم دعوت بسيفي فاحتبيت به إلى جنبه؛ فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:" أيّها النّاس لا يكون فزعكم إلاّ إلى الله ورسوله، ما هذا؟ ألا فعلتم كما فعل هذان الرّجلان المؤمنان؟ ".
عن علقمة بن رمثة، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث عمرو بن العاص إلى البحرين، فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سريّة وخرجنا معه، فنعس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستيقظ، فقال:" يرحم الله عمراً " قال: فتذاكرنا كلّ من اسمه عمرو. فنعس رسول الله صلى الله وسلم، فاستيقظ، فقال:" يرحم الله عمراً " ثم نعس الثّالثة فاستيقظ، فقال:" رحم الله عمراً ".قلنا: يا رسول الله، من عمرو هذا؟ قال:" عمرو بن العاص " قلنا: وما شأنه؟ قال: " كنت إذا ندبت النّاس