قال الحسن: قال رجل لعمرو بن العاص: أرأيت رجلاً مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يحبّه، أليس رجلاً صالحاً؟ قال: بلى. قال: قد مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يحبّك، وهو استعملك. فقال: قد استعملني، فوالله ما أدري أحبّاً كان لي منه أو استعانةً بي؛ ولكن سأحدّثك برجلين مات وهو يحبّهما، عبد الله بن مسعود وعمّار بن ياسر.
عن مولى لعمرو بن العاص، قال: سمعت عمرو بن العاص يقول: أسلمت عند النّجاشيّ وبايعته على الإسلام، ثم قدمت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، فأعلمته أني قدمت راغباً في الهجرة وفي ظهور الإسلام، وأنا أحبّ أن يرى أثري وغناي عن الإسلام وأهله فقد طال ما كنت عوناً. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" الإسلام يجبّ ما كان قبله، وأنا باعثك في أناس أبعثهم إن شاء الله ". فلمّا كان بعد ذلك بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمانية نفر سمّاهم، فكنت أنا المبعوث إلى جيفر وعبد ابني الجلندى وكانا من الأزد، والملك منهما جيفر؛ وكتب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معي إليهما كتاباً يدعوهما فيه إلى الإسلام، وكتب أبيّ بن كعب الكتاب وختمه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرجت حتى قدمت عمان، فعمدت إلى عبد بن الجلندى وكان أحلم الرّجلين وأسهلهما خلقاً فقلت: إني رسول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليك وإلى أخيك. فقال: أخي المقدّم عليّ بالسّنّ والملك، وأنا أوصلك إليه. فمكثت ببابه أيّاماً ثم وصلت إليه، فدفعت إليه الكتاب مختوماً، ففضّ خاتمه ثم قرأه إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه فقرأه، وقال: يا عمرو أنت ابن سيّد قومك، فكيف صنع أبوك فإن لنا فيه قدوة؟ فقلت: مات ولم يؤمن بمحمد، ووددت أنه كان أسلم وصدّق به، وقد كنت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام. قال: فمتى تبعته؟ قلت: قريباً. قال: فسألني أين كان إسلامي؟ فقلت: عند النّجاشيّ، وقد أسلم. قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ قلت: أقرّوه واتّبعوه. قال: والأساقفة والرّهبان تبعوه؟ قال: قلت: نعم. قال: فأبى أن يسلم، فأقمت أيّاماً ثم قلت: إني خارج غداً. فلمّا أيقن بخروجي أرسل إليّ فأجاب إلى الإسلام، فأسلم هو وأخوه، وصدّقا بالنّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخلّيا بيني وبين