فللمعضلات، وأما زياد فللصّغير والكبير. قال له معاوية: أما ذانك فقد غابا، فهات قولك: أنا للبديهة؛ وأما أنا فللأناة، فهات بديهتك. قال: وتريد ذاك؟ قال: نعم. قال: فأخرج من عندك. فأمرهم فخرجوا حتى لم يبق في البيت غيرهما. قال: فقال عمرو: يا أمير المؤمنين أسارّك. قال: فأدنى رأسه منه. قال: هذا من ذلك، ومن معنا في البيت حتى أسارّك؟ عن محمد بن سلاّم الجمحيّ، قال: كان عمر بن الخطّاب إذا رأى الرّجل يتلجلج في كلامه، قال: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد.
عن قبيصة بن جابر، قال: صحبت عمر بن الخطّاب فما رأيت رجلاً أقرأ لكتاب الله، ولا أفقه في دين الله، ولا أحسن مداراةً منه؛ وصحبت طلحة بن عبيد الله فما رأيت رجلاً أعطى لجزيل عن غير مسألة منه؛ وصحبت معاوية بن أبي سفيان فما رأيت رجلاً أثقل حلماً منه؛ وصحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلاً أبين أو قال: أنصع طرفاً منه، ولا أكرم جليساً، ولا أشبه سريرة بعلانية منه؛ وصحبت المغيرة بن شعبة، فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلاّ بالمكر لخرج من أبوابها كلّها.
وعن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، قال: كان عمرو بن العاص يسرد الصّوم، وقلّ ما يصيب من العشاء، وأكثر ذلك كان يصيب من السّحر؛ فسمعته يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن فصل بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السّحر ".
وعن أبي عمران الفلسطينيّ، قال: بينما امرأة عمرو بن العاص تفلي رأسه إذ نادت جارية لها فأبطأت عنها، فقالت: يا زانية. فقال عمرو: رأيتها تزني؟ قالت: لا. قال: والله لتضربنّ لها يوم القيامة ثمانين سوطاً. فقالت لجاريتها وسألتها تعفو، فعفت عنها، فقالت: هل يجزيء عنّي؟ فقال لها: وما لها ألاّ تعفو وهي تحت يدك؟ فأعتقتها. فقالت: هل يجزيء عنّي ذلك؟ قال: فلعلّ.