ويوم ترى الرّايات فيه كأنّها ... حوائم طير مستدير وواقع
مضى أربع بعد اللّقاء وأربع ... وبالمرج باق من دم القوم ناقع
طعنّا زياداً في استه وهو مدبر ... وثوراً أصابته السّيوف القواطع
ونحبى حبيشاً ملهب ذو غلالة ... وقد جذّ من يمنى يديه الأصابع
وقد شهد الصّفّين عمرو بن محرز ... فضاق عليه المرج والمرج واسع
أراد زياد بن عمرو بن معاوية العقيليّ، وثور بن معن بن يزيد السّلميّ، وعمرو بن محرز الأشجعيّ. وقال عمرو بن مخلاة الكلبيّ في حرب كانت بين كلب وقيس. وكانت زعيم كلب فيها حميد بن بحدل، فودى من أصيب من قيس: من الوافر
خذوها يا بني ذبيان عقلاً ... على الأجياد واعتقدوا الخداما
دراهم من بني مروان بيض ... ينجّمها لكم عاماً فعاما
وأيقن أنه يوم طويل ... على قيس يذيقهم السّماما
ورأى شخصاً على شرف بعيد ... فكبّر حين أبصره وقاما
وأقبل يسأل البشرى إلينا ... فقال: رأيت إنساً أو نعاما
وقال لخيله: سيري حميد ... فإنّ لكلّ ذي أجل حماما
فما لاقيت من سمح وبدر ... ومرّة فاتركي حطباً حطاما
بكلّ مقلّص عبل شواه ... يدقّ بهمز نابيه اللّجاما
وكلّ طمرّة مرطى سبوح ... إذا ما شدّ فارسها الحزاما
وقائلة على دهش وحزن ... وقد بلّت مدامعها اللّثاما
كأنّ بني فزارة لم يكونوا ... ولم يرعوا بأرضهم الثّماما
ولم أر حاضراً منهم بشاء ... ولا من يملك النّعم الرّكاما