أتضرب صابينا وتعذل في الصّبا ... وما هنّ والفتيان إلاّ شقائق
فأحال على العملّس يضربه، فبعد منه هنيّةً ورماه بسهم، فأقعد، ومضى إلى أهل الماء وقال: إن بعيراً لنا تركناه في المنزل، فمن أدركه منكم بماء فله نصيب من لحمه، ومن لا فلا: وإنّما أراد أن يسقى أبوه ماء، فشرعوا إليه بالماء فشرب وصلح، وأنشأ يقول: من الرجز
إن بنيّ زمّلوني بالدّم ... من يلق أبطال الرّجال يكلم
ومن يلق ذروته يقوّم ... شنشنة أعرفها من أخزم
الشّنشنة: الطبيعة والخليقة. والذّروة: أعلى الشّيء. يكلم: يجرح. وبلغني من وجه آخر، أنه قال:
قضت وطراً من دير هند
ومن وجه آخر:
من دير يحيى
فمضى عملّس بأخته فأحياها، ومضى هارباً من أبيه إلى الشام، وذلك أنه آلى ليضربنّه بالسّيف. وأقام عقيل سنين، ثم اشتاق إلى ابنه، فأقبل يطلبه، فلّما وافى بعض مدن الشام فإذا هو بجنازة، فقال: ويحكم، من هذه؟ قالوا: عملّس بن عقيل بن علّفة. فأنشأ يرثيه: من الطويل
لقد خبر القوم الشآمون غدوةً ... بموت فتىً في الحيّ غير ضئيل
لتسر المنايا حيث شاءت فإنّها ... محللة بعد الفتى ابن عقيل
فتىً كان مولاه يحلّ بربوةً ... فحلّ الموالي بعده بمسيل