وإمائكم فلا تعاذون. قال: فقال قائل: ادفنوه في مسجده. ففقالوا وكيف وقد لعن قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد؟! قالوا: نحمله إلى حرم الله وأمنه ومولده ودار قومه. قال: كيف تفعلون ولم يعهد إليكم عهداً؟ فأشار عليهم أبو بكر بدفنه في موضع فراشه فقبلوا ذلك من رأيه. وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده: أن علي عليه السلام غسل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والعباس يصب الماء، والفضل بن عباس ينقل الماء، وأسامة وشقران يجيفان الباب. فلما فرغوا قال العباس - لحزنه على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا أدفن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التراب. ولكن أعد له صندوقاً فأجعله في بيتي، فإذا كربني أمر نظرت إليه. فقال علي للعباس: يا عم مارأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدفن أولاده؟ قال: ثم تلا هذه الآية: " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " ثم تلا " ألم نجعل الأرض كفاتاً أحياءً وأمواتاً " فبينما هم كذلك إذ هتف بهم هاتف من ناحية البيت: السلام عليكم أهل البيت " كل نفس ذائقة الموت " و" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " فقال علي للعباس: اصبر يا عم، فقد ترى ما وعد الله عز وجل على لسان نبيه. فقال العباس: يا علي فأين سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يكون قبور الأنبياء؟ قال: في موضع فرشهم. قال: فكفنوه في قميصين أحدهما أرق من الآخر، وصلى عليه العباس وعلي صفاً واحداً. وكبر عليه العباس خمساً، ودفنوه. وعن عائشة قالت: رأيت في حجرتي ثلاثة أقمار، فأتيت أبا بكر فقال: ما أولتها؟ قلت: أولتها ولداً من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسكت أبو بكر حتى قبض النبي فأتاها. فقال: هذا خير أقمارك ذهب به، ثم كان أبو بكر وعمر. دفنوا جميعاً في بيتها