يدعي رجل جمع القرآن فيقول الله عز وجل له: عبدي، ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ فيقول: بلى يارب، فيقول: ماذا عملت فيما علمتك؟ فيقول: يا رب! كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله له: كذبت. وتقول له الملائكة: كذبت، بل أردت أن يقال: فلانٌ قارئ؛ فقد قيل ذلك، اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء. ثم يؤتى بصاحب المال، فيقول الله عز وجل له: عبدي، ألم أنعم عليك؟ ألم أفضل عليك؟ ألم أوسع عليك؟ أو نحوه - فيقول: بلى يا رب فيقول: فماذا عملت فيما ايتك؟ فيقول: يا رب! كنت أصل الرحم، وأتصدق وأفعل وأفعل، فيقول الله له: كذبت. وتقول له الملائكة: كذبت، بل أردت أن يقال: فلان جواد، فقد قيل ذاك، اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء. ويدعى المقتول، فيقول الله له: عبدي، فيم قتلت؟ فيقول: يا رب فيك وفي سبيلك، فيقول الله له: كذبت. وقول الملائكة: كذبت بل أردت أن يقال: فلان جرئ، فقد قيل ذاك، اذهب فليس اليوم عندنا شيء.
قال أبو هريرة: ثم ضرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده على ركبتي ثم قال: يا أبا هريرة! أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة.
قال أبو عثمان: فأخبرني العلاء بن أبي حكيم وكان سيافاً لمعاوية، أنه دخل عليه رجل - يعني على معاوية - فجدثه بهذا الحديث عن أبي هريرة. قال الوليد: فأخبرني عقبة أن شفيا هو الذي دخل على معاوية رحمه الله، فحدثه هذا الحديث؛ قال فبكى معاوية فاشتد بكاؤه، ثم أفاق وهو يقول: صدق الله ورسوله " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ".