أن لا يظلها ولا يمسرأسها دهن حتى تراك. وفي رواية: إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها، فقال عمر بن الخطاب: والله إن يريدانك إلا عن دينك، ولو قد وجدت أمك حر مكة لقد استظلت ولو قد آذاها القمل لقد امتشطت؛ فقال: إن لي بمكة مالاً لعلي آخذه، فقلت له: لك نصف مالي ولا ترجع إلى القوم، فأبى إلا الرجوع، فقلت له: خذ هذه الناقة ذلول ناجية، فالزم ظهرها فإن رابك القوم بشيء فانجه، فخرجوا حتى إذا أتوا قريباً من مكة قال أبو جهل: يا أخي لقد شق على بعيري فأعقبني على ناقتك فإنها أوطأ من بعيري، فنزل فلما وقعا إلى الأرض أوثقاه وربطاه ودخلا به مكة، فقالوا: هكذا يا أهل مكة فافعلوا بسفهائكم. ثم فتن فافتتن.
وعن أبي هريرة قال: لما رفع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه من الركعة الثانية من صلاة الصبح قال: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين بمكة، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف.
وعنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدعو في دبر كل صلاة: اللهم خلص الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً من أيدي المشركين.
قالوا: ولم يزل الوليد بن الوليد بن المغيرة على دين قومه، وخرج معهم إلى بدر فأسر يومئذ، أسره عبد الله بن جحش، ويقال سليط بن قيس المازني من الأنصار، فقدم في فدائه أخواه خالد وهشام ابنا الوليد بن المغيرة، فتمنع عبد الله بن جحش حتى افتكاه بأربعة آلاف، فجعل خالد يريد أن لا يبلغ ذلك، فقال هشام لخالد: إنه ليس بابن أمك، والله لو أبى فيه إلا كذا وكذا لفعلت.
ويقال: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبى أن يفديه إلا بشكة أبيه الوليد بن المغيرة، فأبى ذلك خالد وطاع به هشام لأنه أخوه لأبيه وأمه؛ وكانت الشكة درعاً فضفاضة وسيفاً وبيضةً، فأقيم ذلك مئة دينار، فطاعا به وسلماه. فلما قبض ذلك خرجا بالوليد حتى بلغا به ذا الحليفة، فأفلت منهما، فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم، فقال له خالد: هلا كان هذا قبل أن تفتدى وتخرج مأثرة أبينا فاتبعت محمداً إذ كان هذا رأيك! فقال: ما كنت لأسلم حتى