نفراً من قومي فيلومني في ذلك، ولست أحتمل أن يلومني قي قليلٍ ولا كثير؛ قالوا: فقد ولاك أبو عبيدة بن الجراح وأنت منه في القرابة بحيث أنت، فأنفذ ذلك عمر، ولو وليتنا فبلغ عمر أنفذه؛ فقال عياض: إني لست عند عمر بن الخطاب كأبي عبيدة، وإنما أنفذ عمر عهدي على عملٍ لقول أبي عبيدة في، وقد كنت مستوراً عند أبي عبيدة فقال في، ولو علم مني ما أعلم من نفسي ما ذكر ذلك عني. فانصرف القوم لائمين لعياض بن غنم. ومات عياض وماله مالٌ ولا عليه دين لأحد.
حدث جماعة قالوا: كان عمر إذا بعث عماله يشترط عليهم ألا يتخذوا على المجالس التي يجلسون فيها للناس باباً، ولايركبوا البراذين، ولا يلبسوا الرقاق ولا يأكلوا النقي، ولا يغيبوا عن صلاة الجماعة، ولا يطعموا فيهم السغاة. فمر يوماً من طريقٍ من طرق المدينة، وفي ناحيته رجلٌ يسأل، فقال: أبشر يا عمر بالنار! قال: ولم ذاك؟ قال: تستعمل العمال وتعهد إليهم عهدك، ثم ترى أن ذلك قد أجزأك! كلا والله إنك لمأخوذ إذا لم تتعاهدهم.
قال: وما ذاك؟ قال: عياض بن غنم يلبس اللين ويفعل ويفعل، فقال: لساعي؟ قال: بل مؤدي الذي عليه، فبعث إلى محمد بن مسلمة، أن الحق بعياض بن غنم فأتني به كما تجده؛ فانتهى إلى بابه، وإذا عليه بواب فقال له: قل لعياض: على الباب رجلٌ يريد أن يلقاك، قال: ما تقول؟ قال: قل له ما أقول. فذهب كالمتعجب، فأخبره، فعرض عياض أنه أمر حدث، فخرج فإذا محمد فرحب به وقال له: ادخل. فإذا عليه قميص رقيق لين، فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن لا يفارق سوادي سوادك حتى أذهب بك لما أجدك؛ ونظر في أمره فوجد الأمر كما حدثه السائل.
فلما قدم به على عمر وأخبره دعا بدراعةٍ وكيساً وحذاءً وعصا وقال: أخرجوه من ثيابه؛ فأخرج منها، وألبسه ذلك وقال: انطلق بهذه الغنم فأحسن رعيتها وسقيها والقيام