إني سايرت ابن عمر بين مكة والمدينة فلم يكن يزد على ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها، وقال: أصلي كما رأيت أصحابي يصلون، وما أنا بمانع أحداً يستزيد من خيرٍ أراده.
وفي حديثٍ آخر بمعناه: فقال له: مالك لا تطوع؟ فقال: إنما أصنع كما رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع.
قال عيسى بن طلحة: كنت أكون مع ابن عمر في السفر، فيرى بني أخيه يتطوعون في السفر فلا يعيب ذلك عليهم.
وعيسى ويحيى ابنا طلحة أمهما سعدى بنت عوف بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة، وأخواهما لأمهما المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وسلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة. وكان عيسى ثقةٌ كثير الحديث.
قال مصعب بن عثمان: قيل لعيسى بن طلحة: ما الحلم؟ قالك الذل. وكان صديقاً لعروة بن الزبير، خاصاً به، فلما قدم عروة من الشام وقد أصيب بابنه محمد وبرجله نزل قصر بالعقيق؛ فجاءه الناس يسلمون عليه ويعزونه، وكان فيمن جاءه عيسى بن طلحة، فقال عروة لأحد بنيه: يا بني اكشف لعمك عن رجل أبيك ليراها، فقال له عيسى: إنا والله يا أبا عبد الله، ما كنا نعدك للصراع ولا للسباق، وقد أبقى الله لنا منك ما كنا نحتاج إليه، عقلك وفضلك وعلمك؛ فقال عروة: ما عزاني أحد عن رجلي بمثل ما عزيتني به.
دخل رجلٌ إلى عيسى بن طلحة بن عبيد الله فتحدث عنده وأنشده قوله: من الطويل
يقولون لو عزيت قلبك لا رعوى ... فقلت وهل للعاشقين قلوب
عدمت فؤادي كيف عذبه الهوى ... أما لفؤادي من هواه نصيب