قال صالح بن الوجيه: كانت عند المختار امرأتان: إحداهما أم ثابت بنت سمرة بن جندب، والأخرى عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري فعرضهما مصعبٌ على البراءة من المختار، فأما بنت سمرة فبرئت منه فخلاها، وأما الأنصارية فقتلها.
وكان مصعب بعث إليهما فقال لهما: ما تقولان في المختار؟ فقالت أم ثابت: ما عسيب أن أقول فيه إلا ما تقولون فيه أنت، فقالوا لها: اذهبي. وأما عمرة فقالت: رحمة الله عليه إن كان عبداً من عباد الله الصالحين. فرفعها مصعبٌ إلى السجن وكتب فيها إلى عبد الله بن الزبير، إنها تزعم أنه نبي. فكتب إليه: أن أخرجها فاقتلها. فأخرجها بين الحيرة والكوفة بعد العتمة، فضربها مطر ثلاث ضرباتٍ بالسيف - ومطر تابع لآل فهر من بني عبد الله بن ثعلبة، كان يكون مع الشرط - فقالت: يا أبتاه! يا أهلاه! يا عشيرتاه! فسمع به بعض الأنصار وهو أبان بن النعمان بن بشير، فأتاه فلطمه فقال: يا بن الزانيات! قدعت نفسها قطع الله يمينك. فلزمه فتى رفعه إلى مصعب، فقال: إن أمي مسلمة، وادعى شهادة بني ثعل فلم يشهد له أحد. فقال مصعب: خلوا سبيل الفتي فإنه رأى أمراً فظيعاً. فقال عمر بن أبي ربيعة القرشي في قتل مصعب عمرة بنت النعمان بن بشير: من الخفيف
إن من أعجب العجائب عندي ... قتل بيضاء حرةٍ عطبول
قتلت هكذا على غير جرمٍ ... إن لله درها من قتيل
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى الغانيات جر الذيول