أبا ذر فقل له: إن أحاك أبا الدرداء يقول لك: اتق الله وخف الناس، قال: فلما أتينا بيت المقدس ألفينا أبا ذر قائماً يصلي، وإذا قيامه قريبٌ من رطوعه، وركوعه قريبٌ من سجوده. قال فجلسنا، فلما فرغ من صلاته سلمنا عليه وقلنا له: إن أخاك أبا الدرداء يقرئك السلام ويقول لك: اتق الله وخف الناس، فقال: يرحم الله أبا الدرداء، إن كنا قد سمعنا فقد سمع، وإن كنا قد جالسنا فقد جاس، وما علم أني بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن لا أخاف في الله لومة لائم.
وعن غضيف بن الحارث قال: لقد كساني أبي ثوبين بأربعة دراهم، فلقد رأيتني لمن أكسى أبناء الصحابة ثوباً.
كان خالد بن يزيد إذا غاب أو مرض أمر غضيف بن الحارث أن يصلي للناس فإذا سمع به الجند حضروا، فهي جمعة ليست بخرساء يسمع أقصى أهل المسجد موعظته يقول: أيها الناس! هل تدرون أي رهان رهانكم؟ ألا إنها ليست برهان الذهب والفضة، ولو كانت ذهباً وفضةٌ لأحبتم أن لا تعلق بلذاتها رقابكم، قال الله عز وجل:" كل نفسٍ بما كسبت رهينة " أنتم أناسٌ سفر، من جاءته دوابه ارتحل، غير أن الإياب في ذلك إلى الله.
بعث عبد الملك بن مروان إلى غضيف بن الحارث فقال: يا أبا أسماء، إنا قد جمعنا الناس على أمرين، قال: وما هما؟ قار رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر، قال: أما إنهما أمثل بدعتكم عندي، ولست مجيبك إلى شيءٍ منهما، قال: ولم؟ قال: لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ما أحدث قوم بدعةٌ إلا رفع مثلها من السنة. فتمسك بسنة خيرٌ من إحداث بدعة.