لبناً، قال: عن اللبن فطمت، قال: فاسقوه عسلاً، قال: شراب المريض وأنا صحيح! قال: فتريد ماذا؟ قال خمراً يا أمير المؤمنين، قال: وعهدتني أسقي الخمر لا أم لك!؟ لولا حرمتك بنا لفعلت بك وفعلت! وخرج فلقي فراشاً كان لعبد الملك فقال: ويحك إن أمير المؤمنين استنشدني وقد صحل صوتي، فاسقني شربة خمر، فسقاه شربة خمر، فسقاه رطلاً فقال اعدله بآخر، فصقاه آخر فقال: تركتهما يعتركان في بطني، اسقني ثالثاً، فسقاه ثالثاً، فقال: تركت اثنين على واحد، عدل ميلهما برابع، فسقاه رابعاً. فدخل على عبد الملك فأنشده: من البسيط
خف القطين فراحوا منك أو بكروا
فقال عبد الملك: لا، بل منك؛ وتطير عبد الملك من قوله، فعاد فقال:
فراحو اليوم أو بكروا
وأنشده حت بلغ:
شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاماً إذا قدروا
فقال عبد الملك: خذ بيده يا غلام، فأخرجه ثم ألق عليه من الخلع ما يغمره، ثم ناد أن لكل قومٍ شاعراً وأن شاعر بني أمية الأخطل. فمر به جرير فقال: كيف تركت خنازير أمك؟ قال: كثيراً، وإن أتيتنا قرناك منها، فكيف تركت أعيار أمك؟ قال: كثيراً، وإن أتيتنا حملناك على بعضها.
دخل الأخطل على عبد الملك بن مروان فقال له: يا أخطل، صف لي السكر، قال: أوله لذة وآخره صداع، وبين ذلك ساعةٌ لا أصف لك مبلغها، فقال له: ما مبلغها؟ فقال: لملك يا أمير المؤمنين أهون علي من شسع نعلي، فقال عبد الملك: صف لي، فأنشأ يقول: من الطويل
إذا ما نديمي علني ثم علني ... ثلاث زجاجاتٍ لهن هدير