قال عيسى بن عمر: كان ذو الرمة يملي علي شعراً وأنا أكتب الشعر، إذ قال لي: يا غلام أصلح هذا الحرف، فقلت له: أصلحك الله وإنك لتكتب! فقال: نعم، قدم علينا حضري لكم فعلمنا الخط على الرمل.
قال ذو الرمة لعيسى بن عمر: اكتب شعري، فالكتاب أعجب إلي من الحفظ، إن الأعرابي ينسى الكلمة قد شهرت في طلبها ليلةٌ فيضع في موضعها كلمةٌ في وزنها ثم ينشده الناس، والكتاب لا ينسى ولا يبدل كلاماً بكلام.
حكى الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: قدم ذو الرمة البصرة فأتيته أعتذر لأني لم أهد إليه شيئاً، فقال: لا تعتذر، أنا وأنت نأخذ ولا نعطي أحداً شيئاً.
وكان ذو الرمة طفيلياً يأتي العرسات.
كان الشافعي يقول ليس يقدم أهل البادية على ذي الرمة أحداً. قال الشافعي: لقي رجلٌ من أهل اليمن فقال اليماني: من أشعر الناس؟ فقال: ذو الرمة، قال له: فأين ارمؤ القيس؟ - يجميه بذلك لأنه يماني - فقال: لو أن امرأ القيس كلف أن ينشد شعر ذي الرمة ما أحسنه.
كان ذو الرمة بسوق المربد وقد عارضه رجلٌ يهزأ به، فقال له: يا أعرابي أتشهد بما لم تر؟ قال: نعم، قال: بماذا؟ قال: أشهد بأن أباك ناك أمك.
كان أبو عمرو بن العلاء يقول: شعر ذي الرمة نقط العروس، تضمحل عن قليل، وأبعار ظباء لها مشم في أول شمها ثم تعود إلى أرواح البعر.