حدث الفضل بن عباس - وكان رديف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انه قال في عشية عرفة وغداة جميع الناس حين دفعوا: عليكم السكينة. وهو كاف ناقته حتى دخل محسراً - وهو من منى قال: عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة. وقال: لم يزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر حتى رمى الجمرة.
زاد في غيره: والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشير بيده كما يخذف الإنسان.
حدث الفضل بن عباس قال:
جاءني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موعوكاً قد عصب رأسه فقال: خذ بيدي. فأخذت بيده، فأقبل حتى جلس على المنبر ثم قال: ناد في الناس. فصحت في الناس، فاجتمعوا إليه، فقال: أما بعد أيها الناس، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، ألا فإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يقل رجلٌ إني أخشى الشحناء من قبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ حقاً إن كان له، أو حللني فلقيت الله تعالى وأنا طيب النفس، وقد أرى أن هذا غير مغنٍ عني حتى أقوم فيكم مراراً.
قال الفضل: ثم نزل فصلى الظهر، ثم رجع فجلس على المنبر، فعاد لمقالته الأولى وغيرها، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، إن لي عندك ثلاثة دراهم، فقال أما إنا لا نكذب قائلاً ولا نستحلفه علي يمين، فبم كانت لك عندي؟ فقال: يا رسول الله، تذكر يوم مر بك المسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم. فقال: أعطه يا فضل. فأمر به فجلس، ثم قال: يا أيها الناس، من كان عنده شيء فليؤده، ولا يقل رجل: فضوح الدنيا، فإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة. فقالم رجل فقال: يا رسول الله، عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله، قال: ولم غللتها؟ قال: كنت إليها محتاجاً. قال: خذها منه يافضل. ثم قال: أيها الناس، من خشي من نفسه شيئاً فليقم أدع له. فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، غني لكذاب، وإني لفاحش، وإني لنؤوم. فقال: اللهم ارزقه صدقاً وأذهب عنه النوم إذا أراد. ثم قام آخر فقال: والله يا رسول الله، إني لكذاب، وإني لمنافق وما من شيءٍ من الأشياء إلا قد جئته. فقام عمر بن