وبقي إلى أيام هشام بن عبد الملك. وكان الأصمعي يغمز عليه وهو القائل: من مشطور الرجز
والمرء كالحالم في المنام
يقول إني مدرك أمامي
في قابلٍ ما فاتني في العام
والمرء يدنيه من الحمام
مر الليالي السود والأيام
إن الفتى يصبح للأسقام
كالغرض المنصوب للسهام
أخطأ رامٍ وأصاب رام
قال هشام للشعراء: صفوا لي إلابلاً فقيظوهن وأوردوهن وأصدروهن حتى كأني أنظر إليهن. قال أبو النجم: فذهب بي الروي حتى قلت:
وصارت الشمس كعين الأحول
فغضب هشام وقال: أخرجوا هؤلاء، لا يدخلن هذا علي.
وكان بالرصافة أحدهما يغدي والآخر يعشي، فكنت أتغدى عند أحدهما وأتعشى عند الآخر، وأبيت في المسجد، فأمسى هشام ذات ليلةٍ لقس النفس، فقال لحاجبه ربيع: ابغني رجلاً غريباً يحدثني، فخرج فأخرجني من المسجد، فأدخلني عليه، فقال لأبي النجم: ألم يكن أمرنا بإخراحك عن هذه القرية، فمن آواك ومن أم مثواك؟ فقلت: أما الغداء فمن عند فلان، والعشاء من عند فلان، والمبيت من حيث