للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرجت جاريةٌ سوداء فقالت: يا هذا آذيت الشيخ منذ الليلة؛ فانصرف رحمك الله. قال فانصرفنا.

قال: وقال الفضيل: تقرأ في وترك: " نخلع ونترك من يفجرك " ثم تعدو إلى الفاجر فتعامله! قال: وقال الفضيل: لا تنظر إليهم من طريق الغلظة عليهم، ولكن انظر من طريق الرحمة. يعني السلطان.

وقال فضيل: لا تجعل الرجال أوصياءك، كيف تلومهم أن يضيعوا وصيتك؟ وأنت قد ضيعتها في حياتك! وأنت بعدها تصير إلى بيت الدود، وبيت الوحشة، وبيت الظلمة، ويكون زائرك فيه منكر ونكير، فقبرك روضةٌ من رياض الجنة. أو حفرةٌ منحفر النار. ثم بكى وقال: أعاذنا الله وإياكم من النار.

وقال: حسناتك من عدوك أكثر منها من صديقك. قيل: وكيف ذلك يا أبا علي؟ قال: لأن صديقك إذا ذكرت بين يديه قال: عافاه الله. وعدوك إذا ذكرت بين يديه يغتابك الليل والنهار، وإنما يدفع المسكين حسناته إليك، فلا ترض حتى إذا ذكر بين يديك تقول اللهم الهلكة، لا بل ادع الله له: اللهم أصلحه، اللهم راجع به، فيكون الله يعطيك أجر ما دعوت له.

قال فضيل: آفة العلم النسيان، وآفة القراء العجب والغيبة، وأشد الناس عذاباً يوم القيامة الساعي والنمام، واحذروا أبواب الملوك فإنها تزيل النعم. وتذهب بالنعم. قلنا: يا أبا علي، هذا الحديث الذي جاء " إن عليها فتناً كمبارك الإبل "؟ قال: لا، ولكنه هو الرجل يكون عليه من الله نعمة، لا يكون به إلى خلقٍ من خلق الله حاجة، فإذا دخل

<<  <  ج: ص:  >  >>