لينصروه. وأخذ فيروز نحو جنان يريد إلى أخته. فأبصر خيل ذي رعين مقبلة، والعنسيون خلفه، فلما أبصر هؤلاء هؤلاء وقد كانتا رجلاه تقطعتا، فلما أبصرهم ركب فرسه فرمى به إلى الذين بين بديه وهو يظن أنهم يقاتلونه فقالوا: إنما أرسلنا ذو رعين للنصرك، فوقف معهم، فلما أبصرهم العنسيون رجعوا. وسار فيروز حتى نزل عند أخته.
فلما توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث أبو بكر أبان بن سعيد القرشي إلى اليمن فكلمه فيروز في دم داذويه فقال: إن قيساً قتل عمي غدراً على غدائه، وقد كان دخل في الإسلام وشارك في قتل الطذاب. فأرسل أبان إلى قيس يعلى بن أمية إلى ثات - وكان يعلى من صحابة أبان - فقال أبان ليعلى: اذهب إلى قيس فقل: أجب أبان بن سعيد، فإن تردد عليك فاضربه بسيفك. فقدم عليه يعلى على بغلة والبغال لا ترى باليمن يومئذ، وعند قيسٍ الدنيا مما أخذ من الأموال التي للناس. فقال له يعلى: أجب الأمير أبان بن سعيد وانظر إلى هذا السي، فقال: ومن أنت؟ قال: أنا يعلى بن أمية، ثم من بني حنظلة من بني تميم. فقال له قيس: أنت ابن عمي فأخبرني لم أرسل إلي؟ وأرغبه، فقال: إن ابن الديلمي كلم فيك أنك قتلت عمه رجلاً مسلماً غدراً على غائك. فقال قيس: ما كان مسلماً لا هو ولا أنا، وكنت طالب ذحل قد قتل أمي وقتل عمي عبيده، وقتل أخي الأسود؛ ولكن أدخلني على حين غفلةٍ من أهل صنعاء واجعلني على بغلتك فأتنقب عليها، واركب أنت على راحلتي واكشف عن وجهك حتى تدخلني على الأمير فتمكني منه أربع كلمات وقد خلاك ذم. فدخل به حين اشتد حر النهار وغفل الناس، والناس يومئذ قليل، فدخل على أبان فقال: أجئت بالرجل؟ فقال: نعم، جئتك بسيد أهل اليمن، فقال أبان لقيس: أقتلت رجلاً قد دخل في الإسلام وشارك في دم الكذاب؟! فقال: قد قدرت أيها الأمير فاسمع مني: أما الإسلام فلم يسلم لا هو ولا أنا، وكنت رجلاً طالب ذحل، وأما فرس باذان الأعصم، وسيف ابن الصباح الوجيه فأهديه لك، وأما الإسلام فتقبل مني أبايعك عليه، وأم أختي كبسة فأزوجك معشوقة من المعشوقات؛ وأما يميني هذه فهي لك بكل حدثٍ يحدثه إنسانٌ من مذحج. قال: قد قبلنا منك؛ فأمر أبان المؤذن أن يؤذن بالصلاة، وذاك قبل نصف النهار، ففزع الناس وقالوا: إن هذا لحدث! فبلغ فيروز أنه