ساجٍ عليه، ثم ضرب على فخذها فقال: يا فاطمة، لنحن ليالي دابق أنعم منا اليوم. فذكرها ما كانت نسيت من عيشها: فضربت يده ضربةً فيها عنف تنحيها عنها وقالت: لعمري لأنت اليوم أقدر منك يومئذ. فأكسعته - أي عبس وتحزن من ذلك - فقام يريد آخر الكنيسة وهو يقول بصوتٍ حزين: يا فاطمة " إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يومٍ عظيم " فبكت فاطمة وقالت: اللهم أعذه من النار.
وعن المغيرة بن عبد العزيز كان قد ضجر على جاريةٍ من جواريها في مرضه الذي هلك فيه، فكان لا يراها إلا انتهرها وقال: أخرجوها. فلما كان يوم.... ونزلنا بعض الشام، قال: دخلت علينا فانتهرها ثم قال: اخرجوا عني. ثم شخص ببصره إلى كوةٍ في القيطون فقال: مرحباً وأهلاً! والله إني لأرى وجوهاً ما هي بوجه إنسٍ ولا جن، فارتبعوا عني. وقال:" تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ". قالت: فخرجنا فمكثنا مليا، ثم قال مسلمة لي: يا أخته! قد طال مكثنا عن أمير المؤمنين. قالت: فدخلنا عليه فإذا هو مسجى بثوبه كأنما حرفه أهله جميعاً وقد استقبل به القبلة. والله ما كان على القبلة.
قالت فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: كنت أسمع عمر في مرضه الذي مات فيه يقول اللهم أخف عليهم موتي ولو ساعةً من نهار. فلما كان اليوم الذي قبض فيه، خرجت من عنده فجلست في بيتٍ آخر بيني وبينه باب وهو في قبةٍ له، فسمعته يقول: " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في