قال إبراهيم بن الحسن بن سهل: كنا في موكب المأمون، فترجل له أبو دلف، فقال له المأمون: ما أخرك عنا؟ فقال: علة عرضت لي، فقال: شفاك الله وعافاك، اركب، فوثب من الأرض على الفرس، فقال له المأمون: ما هذه وثبة عليل؟! فقال: بدعاء أمير المؤمنين شفيت.
قال عيسى بن عبد العزيز الحارثي: خرجت رفقةً إلى مكة فيها القاسم بن عيسى، فلما تجاوزت الكوفة حضرت الأعراب، وكثرت تريد اغتيال الرفقة، فتسرع قوم إليهم، فزجهم أبو دلف، وقال: مالكم ولهذا! ثم اتصل بأصحابه، فعبأ عسكره ميمنة وميسرة وقلباً. فلما سمع الأعراب أن أبا دلف حاضر انهزموا من غير حرب. ثم مضى بالناس حتى حج، فلما رجعوا أخبرت القافلة بأن الأعراب قد احتشدوا احتشاداً عظيماً، وهم قاصدون القافلة.
وكان في القافلة رجل أديب شاعر في ناحبة طاهر بن الحسين وآله، فكتب إلى أبي دلف بهذا الشعر:" من الوافر "
جرت بدموعها العين الذروف ... وظل من البكاء له حليف
بلاد تنوفة ومحل قفر ... وبعد أحبة ونوى قذوف
نبادر أول القطرات نرجو ... بذلك أن تخطانا الحتوف
أبا دلف وأنت عميد بكر ... وحيث العز والشرف المنيف
تلاف عصابةً هلكت فما إن ... بها إلا تداركها خفوف
فلما قرأ أبو دلف الأبيات أجاب عنها بغير إطالة فكر، ولا روية، فقال:
رجال لا تهولهم المنايا ... ولا يشجيهم الأمر المخوف