في الدار والله، ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل - رجل منا له صلاح وإسلام - فلما سمع ذلك لبيد اخترط سيفه! وقال: أنا أسرق! والله ليخالطنكم هذا السيف، أو لتبينن هذه السرقة، قالوا: إليك عنا أيها الرجل، فوالله ما أنت بصاحبها. فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها. فقال لي عمي: يا بن أخي، لو أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له. قال قتادة فأتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له، فقلت: يا رسول الله، أهل بيت منا أهل جفاء، عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد، فنقبوا مشربة له، وأخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا سلاحنا، وأما الطعام فلا حاجة لنا به. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" سأنظر في ذلك. فلما سمع ذلك بنو ابيرق أتوا رجلاً منهم يقال له: أسير بن عروة، فكلموه في ذلك، واجتمع إليه ناس من أهل الدار، فأتوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: يا رسول الله، إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا بيت إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة عن غير بينة، ولا ثبت. قال قتادة فأتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكلمته، فقال: " عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة، على غير ثبت، ولا بينة "! قال فرجعت، ولوددت أني خرجت من بعض مالي، ولم أكلم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك، فأتاني عمي رفاعة، فقال: يا بن أخي، ما صنعت؟ فأخبرته ما قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: الله المستعان. فلم نلبث أن ننزل القرآن: " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله، ولا تكن للخائنين خصيما " بني أبيرق " واستغفر الله " أي مما قلت لقتادة " إن الله كان غفوراً رحيماً. ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " أي بني أبيرق " إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً. يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً. ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً. ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً "؛ أي لو أنهم استغفروا الله غفر لهم " ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليماً حكيماً. ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً