فقال له أمير المؤمنين الرشيد: دع هذا الكلام عنك يا أبا علي، فو الله لا نمدح بمثل شعر كثير حتى يحاك لنا بمثل طراز هشام.
قال أبو عبد الله الجمحي: وكان لكثير في التشبيب نصيب وافر، وجميل مقدم عليه في النسيب. وله من فنون الشعر ما ليس لجميل. وكن جميل صادق الصبابة والعشق، وكان كثير يقول، ولم يكن عاشقاً، وكان راوية جميل، وهو الذي يقول:" من البسيط "
ألمم بعز إن الركب منطلق ... وإن نأتك ولم يلمم بها خرق
قامت تراءى لنا والعين ساجية ... كأن إنسانها في لجة غرق
ثم استدار على أرجاء مقلتها ... مبادراً خلسات الطرف يستبق
كأنه حين ما المأقيان به ... در تحلل من أسلاكه نسق
قال: وسمعت الناس يستحسنون من قوله ويقدمونه: " من الطويل "
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل
وقدم كثير على عبد الملك بن مروان الشام، فأنشده والأخطل عنده، فقال عبد الملك: كيف ترى يا أبا مالك؟ قال: أرى شعراً حجازياً مقروراً لوقد ضغطه برد الشام لاضمحل.
وأخبرني أبان بن عثمان البجلي قال: دخل كثير على عبد الملك، فأنشده مدحته التي يقول فيها:" من الطويل "