وذلك أنه مر برجل من أصاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يقرأ هذه الآية:" يا أيها الذين أوتوا الكتاب الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فنردها على أدبارها، أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت، وكان أمر الله مفعولا ". قال: فأسلم كعب، ثم قدم على عمر بن الخطاب، ثم استأذنه بعد في غزو الروم، فأذن له.
قالوا: ووقع الطاعون بعد بالشام، ومصر، والعراق، واستعز بالشام، ومات فيه الناس الذين هم الناس، في المحرم، وصفر. وارتفع عن الناس، وكتبو بذلك إلى عمر - ما خلا الشام - فخرج حتى إذا كان منها قريباً بلغه أنه أشد ما كان، فقال: - وقال الصحابة - قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إذا كان بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا عليكم "، فرجع، حتى ارتفع عنها، وكتبوا إليه بذلك، وبما في أيديهم من المواريث، فجمع الناس في سنة سبع عشرة في جمادى الأولى، فاستشارهم في البلدان، فقال: إني قد بدا لي أن أطوف على المسلمين في بلدانهم، ولأنظر في آثارهم فأشيروا علي. وكعب الأحبار في القوم، وفي تلك السنة أسلم في إمارة عمر.
عن سعيد بن المسيب قال: قال العباس رضي الله عنه لكعب: ما منعك أن تسلم على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر حتى أسلمت الآن على عهد عمر - رضي الله عنه - فقال كعب: إن أبي كتب لي كتاباً من التوراة، ودفعه إلي، وقال: اعمل بهذا، وختم على سائر كتبه، وأخذ علي بحق الوالد على ولده ألا أفض الخاتم. فلما كان الآن ورأيت الإسلام يظهر، ولم أر بأساً قالت لي نفسي: لعل أباك غيب عنك علماً كتمك، فلو قرأته، فضضت للخاتم، فقرأته، فوجدت فيه صفة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمته، فجئت الآن مسلماً. فوالى العباس.
وقد قيل إنه أسلم في زمن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على يدي علي، وتأخرت هجرته إلى زمن عمر.