وتعجب الحجاج من ذلك، وقال: أرى في هذه الأشياء، فإذا صندوق آخر عليه الأقفال، ففتحت، فإذا سفط فيه درج، ففتحته، فإذا فيه صحيفة فيها: إذا كان الحديث حلفاً، والمقيت إلفاً، وكان الولد غيظاً، والشتاء قيظاً، وغاض الكرام غيضاً، وفاض الئام فيضاً فاعبر عبرتي جبل وعر خير من ملك بني النضر، حدثني بذلك كعب الحبر.
عن ابن أبي ذئب قال: استلقى عبد الله بن الزبير يوماً فرأى طائراً في جو السماء، فقال: حدثني بن كعب أنه لا يصعد طير يطير في السماء أكثر من اثني عشر ميلاً. قال: وما أصبت في سلطاني شيئاً إلا قد أخبرني به كعب قبل أن أليه.
عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال: قال معاوية: ألا إن أبا الدرداء أحد الحكماء، ألا إن عمر بن العاص أحد الحكماء، ألا إن كعب الأحبار أحد العلماء، إن كان عنده لعلم كالثمار، وإن كنا فيه لمفرطين.
وسمع حميد بن عبد الرحمن معاوية يحدث رهطاً من قريش، وهو بالمدينة، فذكر كعب الأحبار، فقال: إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدثين الذين يتحدثون عن الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب.
عن روح بن زنباع قال: شهدت كعباً جاء إلى معاوية، فقام على باب الفسطاط، فناداه: يا معاوية، يا معاوية، يا معاوية، فخرج إليه، فأخذ بيده، فانطلقا جميعاً. فقلت: لأمر ما جاء كعب يدعو معاوية! فاتبعت أثرهما، فلما كنت قريباً منهما حيث أسمع كلامهما ولا أحب أن يرياني سمعت كعباً يقول: يا معاوية، والذي نفسي بيده إن في كتاب الله المنزل: محمد أحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أبو بكر الصديق - رحمه الله - عمر الفاروق، عثمان الأمين. فالله الله يا معاوية في أمر هذه الأمة. ثم ناداه الثانية: إن في كتاب الله المنزل، ثم عاد الثالثة.