للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي قال:

لما ورد المتنبي بغداد سكن في ربض حميد. قال: فمضيت إلى الموضع الذي نزل فيه لأسمع منه شيئاً من شعره، فلم أصادفه، فجلست أنتظره وابطأ علي، فانصرفت من غير أن ألقاه، ولم أعد إليه بعد ذلك.

وقد كان القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي سمع منه ديوانه ورواه عنه.

قال أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي الزيدي: كان المتنبي وهو صبي نزل في جواري بالكوفة، وكان يعرف أبوه بعيدان السقا يستقي لنا ولأهل المحلة ونشأ هو محباً للعلم والأدب وصحب الأعراب في البادية، فجاءنا بعد سنين بدوياً قحاً. وقد كان تعلم الكتابة والقراءة، فلزم أهل العلم والأدب. وأكثر ملازمة الوراقين وكان علمه من دفاترهم.

حدث وراق كان يجلس إليه قال: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عيدان قط. كان عندي اليوم فأحضر رجل كتاباً من كتب الأصمعي يكون نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلاً فقال له الرجل: يا هذا، أريد بيعه وقد قطعتني عن ذلك، فإن كنت تريد حفظه فهذا إن شاء الله يكون بعد شهر، فقال له ابن عيدان: فإن كنت قد حفظته في هذه المدة فما لي عليك؟ قال: أهب لك الكتاب. قال: فأقبل يتلوه إلى آخره، ثم استلبه فجعله في كمه، وقام فعلق به صاحبه وطالبه بالثمن، فقال: ما إلى ذلك سبيل قد وهبته لي. قال: فمنعناه منه وقلنا له: أنت شرطت على نفسك هذا للغلام فتركه عليه.

وكان عيدان والد المتنبي يذكر أنه من جعفي، وكانت جدة المتنبي همدانية صحيحة النسب لا شك فيها. وكانت صالحة من صلحاء النساء الكوفيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>