قال الليث بن سعد: لما ودعت أبا جعفر ببيت المقدس قال: أعجبني ما رأيت من شدة عقلك، والحمد لله الذي جعل في رعيتي مثلك. وكان يقول: لا تخبروا بهذا ما دمت حياً.
قال عثمان ابن صالح: كان أهل مصر ينتقصون عثمان حتى نشأ فيهم الليث بن سعد، فحدثهم بفضائل عثمان، فكفوا عن ذلك. مكان أهل حمص ينتقصون علياً حتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش، فحدثهم بفضائله، فكفوا عن ذلك.
قال الليث: قال لي أبو جعفر: تلي لي مصر؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين، إني أضعف عن ذلك، وإني رجل من المالي. فقال: ما بك من ضعف معي، ولكن ضعف نيتك في العمل لي عن ذلك. تريد قوة أقوى مني ومن عملي؟ فأما إذا أبيت فدلني على رجل أقلده أمر مصر، قلت: عثمان بن الحكم الجذامي، رجل له صلاح وعشيرة. قال: فبلغه ذلك فعاهد الله ألا يكلم الليث بن سعد.
قال قتيبة بن سعيد: قفلنا مع الليث بن سعد من الإسكندرية، وكان معه ثلاث سفائن سفينة فيها مطبخه، وسفينة فيها عياله، وسفينة فيها أضيافه. وكان إذا حضرته الصلاة يخرج إلى الشط، فيصلي، وكان ابنه شعيب إمامه. فخرجنا لصلاة المغرب، فقال: أين شعيب؟ فقالوا: حم، فقام الليث، فأذن، وأقام، ثم تقدم، فقرأ:" والشمس وضحاها "، فقرأ:" فلا تخاف عقباها "، وكذلك في مصاحف أهل المدينة، يقولون: هو