قال أسد بن موسى: كان عبد الله بن علي يطلب بني أمية، فيقتلهم، فلما دخلت مصر دخلت في هيئة رثة، فدخلت على الليث بن سعد، فلما فرغت من مجلسه خرجت، فتبعني خادم له في دهليزه، فقال: اجلس حتى أخرج إليك، فجلست، فلما خرج إلي، وأنا وحدي، دفع إلي صرة فيها مائة دينار، فقال: يقول لك مولاي: أصلح بهذه النفقة بعض أمرك، ولم من شعثك.
وكان في حوزتي هميان فيه ألف دينار، فأخرجت الهميان، فقلت: أنا عنها في غنى استأذن لي على الشيخ، فاستأذن لي، فدخلت، فأخبرته بنسبي؛ واعتذرت إليه من ردها، وأخبرته بما معي. فقال: هذه صلة، وليست بصدقة، فقلت: أكره أن أعود نفسي عادة وأنا في غنى، فقال: ادفعها إلى بعض أصحاب الحديث ممن تراه مستحقاً لها. فلم يزل بي حتى أخذتها ففرقتها على جماعة.
قال سعيد الآدم: مررت بالليث بن سعد، فتنحنح لي، فرجعت إليه، فقال لي: يا سعيد، خذ هذا القنداق فاكتب لي فيه من يلزم المسجد ممن لا بضاعة له، ولا غلة. قال: فقلت: جزاك الله خيراً يا أبا الحارث. وأخذت منه القنادق، ثم صرت إلى المنزل، فلنا صليت أوقدت السراج، وكتبت: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قلت: فلان بن فلان. قال: فبينا أنا على ذلك إذ أتاني آت، فقال: هاالله يا سعيد، تأتي إلى قوم عاملوا الله سراً، فتكشفهم لآدمي؟ مات الليث، ومات شعيب بن الليث، أليس مرجعهم إلى الله الذي عاملوه! قال: فقمت، ولم أكتب شيئاً. فلما أصبحت أتيت الليث بن سعد، فلما رآني تهلل وجهه، فناولته القنادق، فنشره، فأصاب