قال الخطيب: كان واحد دهره، وفرد عصره في الكلام على علم الخواطر والإشارات، ولسان الوعظ. دون الناس حكمه، وجمعوا كلامه. وكان من بعض شيوخنا إذا حدث عنه قال: حدثنا الشيخ الجليل المنطق بالحكمة أبو الحسين بن سمعون.
قال ابن ماكولا: سمعون - بسين مهملة - وقال الأزجي: قال لي ابن سمعون: إسماعيل جدي كسر اسمه، فقيل سمعون.
قال أبو بكر الأصبهاني - وكان خادم الشبلي: كنت بين يدي الشبلي في الجامع يوم الجمعة، فدخل أبو الحسين بن سمعون، وهو صبي، وعلى رأسه قلنسوة بشفاشك مطلس بفوطة، فجاز علينا وما سلم، فنظر الشبلي إلى ظهره وقال: يا أبا بكر، تدري إيش لله في هذا الفتى من الذخائر؟!
كان ابن سمعون في أول عمره ينسخ بالأجرة ويعود بأجرة نسخه على نفسه وعلى أمه، وكان كثير البر لها. فجلس يوماً ينسخ، وهي جالسة بقربه، فقال لها: أحب أن أحج، قالت له: يا ولدي، كيف يمكنك الحج وما معك نفقة، ولا لي ما أنفقه، إنما عيشنا من أجرة هذا النسخ. وغلب عليها النوم، فنامت، وانتبهت بعد ساعة، وقالت بل ولدي حج، فقال لها: منعت قبل النوم وأذنت بعده! قالت: رأيت الساعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: دعيه يحج، فإن الخير له في حجه في الآخرة والأولى. ففرح، وباع من دفاتره ما له قيمة، ودفع إليها من ثمنها نفقة لها، وخرج مع الحجاج. وأخذ العرب الحجاج، وأخذوه في الجملة.
قال ابن سمعون: فبقيت عريان، ووجدت مع رجل عباءة كانت على عدل، فقلت له: هب لي هذه