رأسي، فقالت: مولاي، فقلت: ما شأنك؟ فقالت: إن لي مولى قد أرسلني إليك بهدية، فقال: إن قبله فأنت حرة لوجه الله، يا مولاي، فما تعتقني؟ فقلت: ضعيه مكانه واذهبي لشأنك، قال: فبصرت فإذا هو فرنيتان معهما بيض مسلوق. قال: فتركته بحاله ومضيت لم أرزأ منه شيئاً - قال الراوي: كأنه جزع من سرعة الإجابة.
وقال: مضت لي أيام لم أشرب فيها ماء، وكنت إذ ذاك في المسجد الجامع في الليل، فاحتجت إلى الطهارة، فأتيت باب المسجد لأخرج، فوجدته مغلقاً، فرجعت إلى المقصورة، فجلست فيها، وأنا عطشان، ومحتاج إلى الطهارة، فبكيت، وقلت: يا سيدي، قد علمت حاجتي إلى الطهارة، وما يشق علي من تركها. قال: فظهرت لي كف من الحائط فيها كوز، فقالت: خذ فاشرب، فقلت: الطهارة أغلب علي، فقالت: خذ، فاشرب، وتوضأ. قال: فأخذت الكوز، وخرجت إلى صحن المسجد، فتوضأت للصلاة، وفضلت في أسفل الكوز فضلة من ماء، فشربتها، فأقمت بعدها ثمانين يوما لا أحتاج إلى شرب الماء.
وقال: خرجت حاجاً، فصرنا إلى مغار، وأصابنا شتاء، فجمعت ناراً أصطلي عليها والقوم، فإذا برجل قائم، فقال لي: يا غلام، سر، فسرت وراءه. وأخذنا المطر حتى انتهينا إلى رابية، أو نحو ذلك، فقال: قد طلع الفجر فصل، فصليت به. ثم لاحت برقة على جدار، فقال: هذه المدينة، ادخلها وانتظر أصحابك، فدخلت، فأقمت أربعة عشر يوماً إلى أن قدم أصحابي.
قال أبو أحمد عبد الله بن محمد المفسر: أقام أبو بكر محمد بن سيد حمدويه خمسين سنة ما استند، ولا مد رجله بين يدي الله هيبة له.
عن عمر بن البري: أن المعلم بن سيد حمدويه أضاف به قوم، فقال لرجل من أصحابه: جئني بشواء ورقاق، فقدمه إليهم، فقالوا: يا أبا بكر، ما هذا من طعامنا، فقال: إيش طعامكم؟ قالوا: البقل، فأمر من يجيئهم ببقل، فأكلوا، وأكل هو الشواء والخبز، وقاموا هم يصلون بالليل، ونام المعلم على طهره، وصلى بهم صلاة الغداة وهو على طهارة العتمة، وقال لهم: