لوقت صلاتي، ويطعمني عند إفطاري، وقد فقدته منذ أمس، انظر هل تحسه لي؟ قال؟ فقلت: إن في قضاء حاجة هذا العبد لقربة إلى الله. قال: فخرجت في طلبه حتى إذا كنت بين كثبان من رمال إذا أنا بسبع قد افترس الغلام، فأكله. قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. فأتيته، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت: إني سائلك عن شيء، أتخبرني؟ قال: إن كان عندي منه شيء أخبرتك، قلت: أنت أكرم على الله منزلة أم أيوب؟ قال: بل أيوب أكرم على الله مني وأعظم عنده منزلة مني، قلت: أليس ابتلاه الله فصبر حتى استوحش منه من كان يأنس به، وصار غرضاً لمار الطريق؟ قال: بلى، فقلت: إن ابنك الذي أخبرتني بقصته ما أخبرتني، إني خرجت في طلبه حتى إذا كنت بين كثبان من رمال إذا بسبع قد افترس الغلام، فأكله. فقال: الحمد لله الذي لم يجعل في قلبي حسرة من الدنيا. قال: ثم شق شهقة فمات. قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، من يعينني على غسله وكفنه وحفر قبره ودفنه؟! قال: فبينا أنا كذلك إذا أنا بركب يريدون الرباط، قال: فأشرت إليهم، فأقبلوا إلي، فقالوا: ما أنت وهذا؟ فأخبرتهم الذي كان من أمره، فغسلناه بماء البحر، وكفناه بأثواب كنت معهم، ووليت الصلاة عليه بينهم، ودفناه في مظلته، ومضى القوم إلى رباطهم. قال: وبت في مظلته تلك الليلة أنساً به، فلما مضى من الليل مثل ما بقي إذا أنا بصاحبي في روضة خضراء، عليه ثياب خضر. فقلت: ألست صاحبي؟ قال: بلى، قلت: فما الذي صيرك إلى ما أرى؟ قال: إني وردت مع الصابرين إلى درجة لم ينالوها إلا بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء.
ذكر أبو الوليد بن الفرضي أن أبا عبد الله رحل إلى المشرق في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وقدم الأندلس من رحلته سنة خمس وأربعين، واتصل بأمير المؤمنين المستنصر، وكانت له منه مكانة خاصة، وأف له عدة دواوين، واستقضاه. وكان حافظاً للحديث عالماً به، بصيراً بالرجال، صحيح النقل، جيد الكتاب على كثرة ما جمع. سألته عن مولده؟ فقال لي: ولدت سنة