قال أبو زكريا العنبري: شهدت جنازة الحسين بن محمد القباني سنة تسع وثمانين ومائتين، فقدم أبو عبد الله للصلاة عليه، فصلى عليه، فلما أراد أن ينصرف قدمت دابته، وأخذ أبو عمر الخفاف بلجامه، وأبو بكر محمد بن إسحاق بركابه، وأبو بكر الجارودي، وإبراهيم بن أبي طالب يسويان عليه ثيابه.
فمضى ولم يكلم واحداً منهم.
وقال: قال لي أبو عبد الله البوشنجي في شيء سألني عنه: أحسنت. ثم التفت إلى أبي، فقال: يا أبا عبد الله، قد قلت لابنك: أحسنت، ولو قلت هذا لأبي عبيد لفرح به.
سئل محمد بن إسحاق بن خزيمة عن مسألة، وكان يشيع جنازة أبي عبد الله البوشنجي، فقال: لا أفتي حتى يواريه لحده.
وقال أبو محمد عمرو محمد بن أحمد الضرير الفقيه: حضرت أبا عبد الله البوشنجي بمرو، وقد وصف له حالي، وما أتقلب فيه من العلوم. فقال: أسألك عن مسألة؟ فقلت: مثل الشيخ لا يسأل مثلي! فقال: صدقت، أنا روباس الناس من الشاش إلى مصر. ثم قال لي: أتدري ما الروباس؟ قلت: لا، قال: هي الآلة التي بها بين جيد الفضة وخبيثها.
قال أبو عبد الله البوشنجي: من أراد العلم والفقه بغير أدب فقد اقتحم أن يكذب على الله ورسوله.
كان أبو عبد الله البوشنجي من الكرم بحيث لا يوصف، وكان يقدم لسنانيره من كل طعام يأكله، فبات ليلة، ثم ذكر السنانير، فقال لخادمه: أطعمتم اليوم سنانيرنا من طعامنا؟ فقال: لا، فأمر بالليل حتى طبخ من ذلك الطعام، وأطعم السنانير.