قال حين الكرابيسي: بت مع الشافعي، فكان يصلي نحو ثلث الليل، وما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمر بآية عذاب إلا تعوذ بالله منه، وسأل النجاة لنفسه ولجميع المؤمنين؛ فكأنما جمع له الرجاء والرهبة معاً.
قال الخطيب: قد كان الشافعي بأخرة يديم التلاوة، ويدرج القراءة.
وروى بسنده عن الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي يختم في كل ليلة ختمة، فإذا كان في شهر رمضان ختم في كل ليلة منه ختمة، وفي كل يوم ختمة، فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة.
وقال: كان الشافعي يختم القرآن ستين مرة. قيل: في صلاة رمضان؟ قال: نعم.
وقال: كان الشافعي لا يصلي مع الناس التراويح، لكنه كان يصلي في بيته، ويختم في رمضان ستين ختمة ليس منها سورة إلا في صلاة، وكان يختم في سائر السنة ثلاثين ختمة في كل شهر.
وقال: سمعت الشافعي يقول: ما شبعت منذ عشرين سنة - وفي رواية: ما شبعت منذ ستة عشر سنة إلا شبعة، ثم أدخلت يدي فتقيأته؛ لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
وقال: قال لي الشافعي: يا ربيع، عليك بالزهد؛ فإن الزهد على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناهد.