لقد أنست مساوىء كل دهرٍ ... محاسن أحمد بن أبي داود
وما سافرت في الآفاق إلا ... ومن جدواك راحلتي وزادي
يقيم الظن عندك والأماني ... وإن قلقت ركابي في البلاد
فقال ابن أبي داود: هذا المعنى تفردت به أو أخذته؟ قال: هو لي وقد ألمحت فيه بقول أبي نواس: من الطويل
وإن جرت الألفاظ يوماً بمدحةٍ ... لغيرك إنساناً فأنت الذي نعني
قال مسبح بن حاتم: لقيني قاضي القضاة أحمد بن أبي داود فقال بعد أن سلم علي: ما يمنعك أن تسألني؟ فقلت له: إذا سألتك فقد أعطيتك ثمن ما أعطيتني. فقال لي: صدقت. وأنفذ إلي خمسة آلاف درهم.
قال أبو خليفة الفضل بن الحباب:
كان في جوارنا رجل حذاء فاحتاج في أمر له أن يتظلم إلى الواثق، فأخبرنا أنه رفع قصته إليه فأمر برده إلى ابن أبي داود مع جماعة من المتظلمين قال: فحضرت إليه ينظر في أمور الناس، وتشوقت لينظر في أمري فأومأ إلي بالانتظار، فانتظرت حتى لم يبق أحدٌ فقال لي: أتعرفني؟ قلت: ولا أنكر القاضي. قال: ولكني أعرفك، مضيت يوماً في الخلاء فانقطعت نعلي وأعطيتني شسعاً لها، فقلت لك: إني أجيئك بثواب ذلك، فتكرهت قولي، وقلت: وما مقدار ما فعلت، امض في حفظ الله، والله لأصلحن زمانك كما أصلحت نعلي ثم وقع لي في ظلامتي ووهب لي خمس مئة درهم، وقال: زرني في كل وقت. قال: فرأيناه بمتسع الحال بعد أن رأيناه مضيقاً.
حدث أبو مالك حريز بن أحمد بن أبي داود قال: قال الواثق يوماً لأبي تضجراً بكثرة حوائجه: يا أحمد، قد اختلت بيوت الأموال بطلباتك، اللائذين بك والمتوسلين إليك فقال: يا أمير المؤمنين، نتائج شكرها متصلة بك، وذخائر أجرها مكتوبة لك، وما لي من ذلك إلا عشق اتصال الألسن بحلو المدح فيك. فقال: يا أبا عبد الله،، والله لا منعناك ما يزيد في عشقك، ويقوي من همتك، فتناولنا بما أحببت.