قال أبو عبد الله بن الجلاء: لقيت ست مئة شيخ، ما رأيت فيهم مثل أربعة: ذا النون المصري، وأبا تراب، وأبا عبيد البسري، وأبي.
قال بعض إخوان أبي عبيد أن أبا عبيد البسري - رحمه الله - قال: سألت الله عز وجل ثلاث حوائج، فقضى لي اثنتين، ومنعني الثالثة: سألته أن يذهب عني شهوة الطعام، فما أبالي أكلت أم لا. وسألته أن يذهب عني شهوة النوم، فما أبالي نمت أم لا. وسألته أن يذهب عني شهوة النساء فما فعل. قيل: فما معنى ذلك؟ قال: إن الله تبارك وتعالى قد قضى في مبدأ خلقه أن يكون، فشيء قدره وقضاه، فلا راد لقضائه.
حدث أبو زرعة الحاجب قال: حدثني أبو عبيد البسري قال: رأيت في منامي كأن القيامة قامت، فقمت من قبري، فأتيت بدابة، فركبتها، ثم عرج بي إلى السماء، فإذا فيها جنة، فأردت أنزل، فقيل لي: ليس هذا مكانك، فعرج بي إلى سماء سماء؛ كل سماء فيها جنة، حتى صرت إلى أعلى عليين، فنزلت في أعلى عليين. ثم أردت القعود، فقيل لي: أتقعد قبل أن ترى ربك، تبارك وتعالى؟ فقلت: لا. فقمت، فساروا بي، فإذا أنا بالله عز وجل، قدامه آدم يحاسبه، فلما رني آدم، خلسني بعينه خلسة مستغيث، فقلت: يا رب قد فلجت الحجة على الشيخ، فعفوك. فسمعت الله يقول: قم يا آدم، قد عفونا عنك. وكان الشيخ أبو أحمد بكر - رحمه الله - حاضراً، وهو يسمعني، فكأني استعظمت الحال لأبي عبيد. فقال لي الشيخ ومن حضر: القدر والفضل يرجع إلى آدم، إذ أبو عبيد من ولده.