حدث أبو بكر الهلالي قال: كان لأبي عبيد ولد صغير يخرج مع صبيان القرية في الشتاء، يتحطبون من يابس الكروم والتين وغير ذلك. ففي بعض الأيام راح بجرزة حطب، ومعه تين أخضر، فقالت له والدته: يا ولدي، من أين لك تين أخضر في هذا الشتاء؟ فقال: قلت لرفقتي من الصبيان: تحبون أطعمكم تيناً أخضر؟ فقالوا: نعم. فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين، ثم دعوت بالدعاء الذي دعا به والدي البارحة، وسألت الله أن يطعمنا من تينة كنا عندها تيناً أخضر، فأطعمت لوقتها، فأكلنا منها، وحملنا. ووالده يسمع مقالته لأمه. فقال أبو عبيد لوالدته: أعظم الله أجرك فيه! فقالت: بالله إن فعلت! فإذا بالصبي ميت. فأخذوا في جهازه، وواروه في حفرته. فقيل له في ذلك، فقال: خشيت أن يدعو به على القرية فتهلك.
حدث أبو زرعة الجنبي قال: كان أبو عبيد البسري يوماً على جرجر يدرس قمحاً له، وبينه وبين الحج ثلاثة أيام. إذ أتاه رجلان فقالا له: يا أبا عبيد، تنشط للحج؟ فقال: لا. ثم التفت إلي وقال: شيخك على هذا أقدر منهما، يعني نفسه.
قال ابن أبي حسان:
جاء ابن لأبي عبيد البسري إلى أبيه، فقال له: يا أبه، إني خرجت بجرار فيها سمن، فوقعت، فتكسرت، وذهب رأس مالي. فقال له أبوه: يا بني اجعل رأس مالك رأس مال أبيك، فوالله ما لأبيك رأس مال في الدنيا والآخرة غير الله.