للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن الواثق الذي يقال له المهتدي بالله:

كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلاً أحضرنا ذلك المجلس، فأتي بشيخ محصوب مقيد، فقال أبي: ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه - يعني ابن أبي داود - قال: فأدخل الشيخ في مصلاه. قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال له: لا سلم الله عليك. فقال: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدبك مؤدبك. قال الله تعالى: " وإذا حييتم بتحيةٍ فحيوا بأحسن منها أو ردوها " والله ما حييتني بها ولا أحسن منها. فقال ابن أبي داود: يا أمير المؤمنين، الرجل متكلم، فقال له: كلمه. فقال: يا شيخ ما تقول في القرآن؟ قال الشيخ: لم تنصفني - يعني ولي السؤال - فقال له: سل، فقال له الشيخ: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق، فقال: هذا شيء علمه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه؟ فقال: شيء لم يعلموه فقال: سبحان الله شيء لم يعلمه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت؟!. قال: فخجل، وقال: أقلني. قال: والمسألة بحالها قال: نعم، قال: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق، فقال: هذا شيء علمه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون أم لم يعلموه؟. فقال: علموه ولم يدعوا الناس إليه قال: أفلا وسعك ما وسعهم. قال: ثم قام أبي فدخل مجلس الخلوة واستلقى على قفاه، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت، سبحان الله شيء علمه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون ولم يدعوا الناس إليه، أفلا وسعك ما وسعهم؟ ثم دعا عماراً الحاجب فأمر أن يرفع عنه القيود ويعطيه أربع مئة دينار، ويأذن له في الرجوع، وسقط من عينه ابن أبي داود ولم يمتحن بعد ذلك أحداً.

ومما قيل في ابن أبي داود: من الوافر

إلى كم تجعل الأعراب طراً ... ذوي الأرحام منك بكل واد

تضم على لصوصهم جناحاً ... لتثبت دعوة لك في إياد

فأقسم أن رحمك في إيادٍ ... كرحم بني أمية من زياد

<<  <  ج: ص:  >  >>