للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو أحمد الصغير:

كنت أخدم الشيخ، وليس معي في داره أحد، ولا يتقدم إليه أحد غيري، أو من أقدمه. فأصبحت يوماً، وصليت الصبح في الغلس، وجلست على الباب أقرأ في المصحف، وقد أخرجت رأسي من الباب أستضيء بالغلس، قال: فجاء أبو أحمد الكاغدي البيضاوي، وقال: أيها الشيخ، أريد الخروج، فادع لي. فدعا له. ومضى خطوات، فدعاه الشيخ، فرجع إليه، وناوله أرغفة حارة، وقال: كل هذا في الطريق. قال أبو أحمد: فتحيرت، وعلمت أنه لا يدخل إليه إلا من أدخلته، فعدوت وراء الكاغدي وقلت: أرني هذا الخبز، فأراني، فإذا هو رقاق حار! فمما أدركني من الوسواس لم أصبر، فلما كان العصر قلت: أيها الشيخ، ذاك الخبز من أين؟ قال: فقال: لا تكن صبياً أحمق! ذاك جاء به إنسان. فهبته أن أستزيده وسكت.

حدث أبو نصر الطرسوسي قال: مات لأبي عبد الله بن خفيف ابن يقال به عبد السلام، فما بقي بشيراز من الخاص والعام والجند والأمراء أحد إلا حضروا جنازته، فلم يجسر أحد أن يعزيه لما كان في نفوسهم أن مثله لا يعزى.

سمع أبو عبد الله يقول: كنت بالبصرة في جماعة من أصحابنا، فوقف علينا صاحب مرقعة أعور، فقال: من منكم ابن خفيف؟ فأشاروا إلي. فقال: تأذن لي أن أسألك مسألة؟ فقلت: لا. قال: ولم؟ فقلت: لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما خير بين أمرين إلا اختار أيسره، وأيسره ألا تسألني، ولا أحتاج أجيبك. فقال: لا بد. فقلت: هذا غير ذاك. فقل الآن ما شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>