للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال خليفة: وفيها - يعني سنة أربع وثمانين ومئة - وجه هارون بن صالح بن بيهس الكلابي إلى غصة ملك الروم في الفداء.

روى النضر بن يحيى في خبر طويل

أن أبا العميطر كتب إلى محمد بن صالح بن بيهس الكلابي كتاباً يعجب فيه لتخلفه عن بيعة أمير المؤمنين، ويتوعده إن تأخر ليبعثن إليه ما لا قبل له به من الزحوف. فلم يجبه محمد بن صالح بن بيهس على كتابه، وأقبل أبو العميطر على طلب القيسية، فكتبوا إلى محمد بن صالح، فأقبل إليهم في ثلاث مئة فارس من الضباب ومواليه، واتصل الخبر بأبي العميطر، فوجه إليه يزيد بن هشام في اثني عشر ألفاً، فقوي ابن بيهس واشتدت شوكته، وتوهن أمر أبي العميطر السفياني، فجعل ابن بيهس يغير كل يوم على ناحية فيقتل ويأسر. ثم كتب أبو العميطر إلى السواحل والبقاع، وبعلبك وحمص، فأتاه خلق عظيم، وعقد للقاسم ابنه على الجيش ومعه المعتمر بن موسى، واجتمع إلى ابن بيهس أصحابه، وأكثرهم من الضباب، فالتقى الجيشان بين الشبعا وقرحتا فاقتتلوا قتالاً طويلاً شديداً، وقتل القاسم. ثم إن المعتمر بن موسى كمن لابن بيهس - وكان قد اعتل - قرب قرحتا، وحاربه، فانهزم المعتمر وأصحابه، وغنم أصحاب ابن بيهس غنيمة كثيرة، فضعف أمر أبي العميطر. ثم اشتدت العلة بابن بيهس، فانصرف إلى حوران، وأوصى أصحابه أن يبايعوا مسلمة بن يعقوب بن علي بن محمد بن سعيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، ففعلوا. وأدنى مسلمة القيسية، ولبس الثياب الحمر، وجعل أعلامه حمراء.. وخرج ابن بيهس من العلة، فجمع جماعة وأقبل يريد دمشق، فخرج مسلمة للقائه ومعه القيسية فقاتلوا ذلك اليوم مع مسلمة قتالاً شديداً، وكثرت الجراحات في الفريقين، وانصرف ابن بيهس وقد ساء ظنه بقيس، فهابت القيسية على أنفسها، فغدرت بمسلمة وأعانت ابن بيهس حتى دخل دمشق يوم الثلاثاء لعشر خلون من المحرم سنة ثمان وتسعين ومئة، وفر منها مسلمة وابن أبي العميطر، وأقام ابن بيهس أميراً بدمشق إلى أن قدم

<<  <  ج: ص:  >  >>