قال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي الصوفي: سالت أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ فقلت: إذا حدث محمد بن إسحاق بن خزيمة وأحمد بن شعيب النسائي حديثاً من تقدم منهما؟ قال: النسائي لأنه أسند، على أني لا أقدم على النسائي أحداً، وإن كان ابن خزيمة إماماً ثبتاً معدوم النظير.
قال علي بن عمر الحافظ غير مرة: أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.
قال محمد بن طاهر: سألت الإمام أبا القاسم سعد بن علي الزنجاني بمكة عن حال رجل من الرواة فوثقه. فقلت: إن أبا عبد الرحمن النسائي ضعفه، فقال: يا بني، إن لأبي عبد الرحمن في الرجال شرطاً أشد من شرط البخاري ومسلم.
قال أبو الحسين محمد بن مظفر الحافظ:
سمعت مشايخنا بمصر يعرفون لأبي عبد الرحمن النسائي بالتقدم والإمامة ويصفون من اجتهاده في العبادة بالليل والنهار ولمواظبته على الحج والجهاد. وأنه خرج إلى الفداء مع والي مصر، فوصف من شهامته وإقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين واحترازه عن مجالسة السلطان الذي خرج معه والانبساط بالمأكول والمشروب في رحلته، وأنه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد رضي الله عنه بدمشق من جهة الخوارج.
كان ابن الحداد كثير الحديث، ولم يحدث عن أحد غير أبي عبد الرحمن النسائي فقط، وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله.
خرج أبو عبد الرحمن من مصر في آخر عمره إلى دمشق، فسئل بها عن معاوية بن أبي سفيان وما روي من فضائله. فقال: معاوية لا يرضى رأساً برأس حتى يفضل، فما زالوا يدفعون في حضنيه حتى أخرج من المسجد، ثم حمل إلى مكة وتوفي بها سنة ثلاث وثلاث مئة وهو مقتول.