الحنفية فيبايعونه له سراً؛ فسئل قومٌ ممن بايعه في أمره وقالوا: أعطينا هذا الرجل عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفية، وابن الحنفية بمكة ليس منا ببعيد ولا مستتر، فلو شخص منا قوم إليه فسألوه عما جاءنا به هذا الرجل فإن كان صادقاً نصرناه وأعناه على أمره؛ فشخص منهم قوم فلقوا ابن الحنفية بمكة فأعلموه أمر المختار وما دعاهم إليه؛ فقال: نحن حيث ترون محبسون، وما أحب أن لي سلطان الدنيا بقتل مؤمنٍ بغير حق، ولوددت أن الله انتصر لنا ممن شاء من خلقه فاحذروا الكذابين وانظروا لأنفسكم ودينكم؛ فانصرفوا على هذا، وكتب المختار كتاباً على لسان محمد بن الحنفية إلى إبراهيم بن الأشتر وجاء فاستأذن عليه، وقيل: المختار أمين آل محمد ورسولهم فأذن له وحياه ورحب به وأجلسه معه على فراشه، فتكلم المختار وكان مفوهاً فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: إنكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمد وقد ركب منهم ما قد علمت ومنعوا حقهم وصاروا إلى ما رأيت وقد كتب إليك المهدي كتاباً وهؤلاء الشهود عليه، فقال يزيد بن أنس الأسدي وأحمر بن سميط البجلي وعبد الله بن كامل وأبو عمرة كيسان مولى بجيلة: نشهد أن هذا كتابه، قد شهدناه حين دفعه إليه؛ فقبضه إبراهيم وقرأه ثم قال: أنا أول من يجيب قد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك فقل ما بدا لك وادع إلى ما شئت.
ثم كان إبراهيم يركب إليه في كل يوم فيدع ذلك في صدور الناس؛ وورد الخبر على ابن الزبير فشكر لمحمد بن الحنفية وجعل أمر المختار يغلط كل يوم ويكثر تبعه وجعل يتتبع قتلة الحسين ومن أعان عليه فيقتلهم، ثم بعث إبراهيم بن الأشتر في عشرين ألفاً إلى عبيد الله بن زياد فقتله، وبعث برأسه إلى المختار فجعله المختار في جونةٍ وبعث به إلى محمد بن الحنفية وعلي بن الحسين وسائر بني هاشم.
فلما رأى علي بن الحسين رأس عبيد الله ترحم على الحسين وقال: أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين وهو يتغذى وأتينا برأس عبيد الله ونحن نتغدى، ولم يبق من بني هاشم أحد إلا قام بخطبةٍ في الثناء على المختار والدعاء له وجميل القول فيه.
وكان ابن الحنفية يكره أمر المختار وما يبلغه عنه، ولا يحب كثيراً مما يأتي به؛ وكان ابن عباس يقول: أصاب بثأرنا ووصلنا فكان يظهر الجميل فيه للعامة؛ فلما اتسق الأمر للمختار كتب: لمحمد بن علي من المختار بن أبي عبيد الطالب بثأر آل محمد، أما