للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزل عثمان بن عفان عمرو بن العاص عن خراج مصر وأقره على الجند والصلاة، وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح فتشاغبا، فكتب عبد الله بن سعد إلى عثمان: أن عمراً قد كسر الخراج، وكتب عمرو بن العاص إلى عثمان: أن عبد الله بن سعد قد كسر على مكيدة الحرب، فعزل عثمان عمراً عن الجند والصلاة وولى ذلك عبد الله بن سعد مع الخراج فانصرف عمرو مغضباً، فقدم المدينة فجعل يطعن على عثمان ويعيبه، ودخل عليه يوماً وعليه جبةٌ له يمانية محشوة بقطنٍ، فقال له عثمان: ما حشو جبتك؟ قال: حشوها عمرو؛ فقال: لم أرد هذا يا بن النابغة، ما أسرع ما قمل جربان جبتك وإنما عهدك بالعمل عام أول، تطعن علي وتأتيني بوجهٍ وتذهب عني بآخر؛ فقال عمرو: إن كثيراً مما ينقل الناس إلى ولاتهم باطل؛ فقال عثمان: قد استعملتك على ظلعك؛ فقال عمرو: قد كنت عاملاً لعمر بن الخطاب ففارقني وهو عني راضٍ؛ فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقنٌ عليه فجعل يؤلب عليه الناس ويحرضهم، فلما حصر عثمان الحصر الأول خرج عمرو من المدينة حتى انتهى إلى أرضٍ له بفلسطين يقال لها: السبع، فنزل في قصرٍ يقال له: العجلان، فلما أتاه قتل عثمان قال: أنا عبد الله إذا أحك قرحةً نكأتها، يعني: أني قتلته بتحريضي عليه وأنا بالسبع، وقال: أتربص أياماً وأنظر ما يصنع الناس؛ فبلغه أن علياً قد بويع له فاشتد ذلك عليه، ثم بلغه أن عائشة وطلحة والزبير ساروا إلى الجمل فقال: أستأني وأنظر ما يصنعون؛ فلم يشهد الجمل ولا شيئاً من أمره، فلما أتاه الخبر بقتل طلحة والزبير أرتج عليه الأمر، فقال له قائل: إن معاوية لا يريد أن يبايع لعلي فلو قاربت معاوية، فقال: ارحل يا وردان؛ فدعا ابنيه عبد الله ومحمداً فقال: ما تريان؟ فقال عبد الله: توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عنك راضٍ، وتوفي أبو بكر وهو عنك راضٍ، وتوفي عمر وهو عنك راضٍ، إني أرى أن تكف يدك وتجلس في بيتك حتى يجتمع الناس على إمام فتبايعه؛ فقال: حط يا وردان؛ وقال ابنه محمد: أنت نابٌ من أنياب العرب فلا أرى أن يجتمع هذا الأمر وليس لك فيه صوتٌ ولا ذكرٌ؛ فقال: أما أنت يا عبد الله فأمرتني بالذي هو خيرٌ لي في آخرتي وأسلم لي في ديني، وأما أنت يا محمد فأمرتني بالذي هو أنبه لي في دنياي وشر لي في آخرتي، وإن علياً قد بويع له وهو يدل

<<  <  ج: ص:  >  >>