لما فرغ الحجاج بن يوسف من دير الجماجم وفد على عبد الملك بن مروان ومعه أشراف أهل الكوفة والبصرة فأدخلهم على عبد الملك، فبينما هم عنده يوماً إذ تذاكروا البلد؛ فقال محمد بن عمير بن عطارد: أصلح الله أمير المؤمنين نحن أوسع منهم بريةً، وأسرع منهم في السرية، وأكثر منهم نقداً وقنداً، وعاجاً وساجاً، ويأتينا ماؤنا عفواً صفواً، ولا يناله غيرنا إلا بقائد وسائق وناعق؛ فقال الحجاج: أصلح الله أمير المؤمنين، إن لي بالبلدين خبراً وقد أوطنتهما جميعاً؛ قال له: قل وأنت عندنا مصدق؛ فقال: أما البصرة فعجوزٌ شمطاء وفراء غراء، أوتيت من كل زينةٍ، وأما الكوفة فشابةٌ حسنةٌ جميلةٌ لا حلي لها ولا زينة؛ فقال عبد الملك: فضلت الكوفة على البصرة.
قال عبد الملك بن مروان لمحمد بن عطارد التميمي: يا محمد احفظ عني هذه الأبيات واعمل بهن؛ قال: هاتها يا أمير المؤمنين؛ قال: من الطويل
إذا أنت جاريت السفيه كما جرى ... فأنت سفيهٌ مثله غير ذي حلم
إذا أمن الجهال حلمك مرةً ... فعرضك للجهال غنمٌ من الغنم
فلا تعترض عرض السفيه وداره ... بحلمٍ فإن أعتى عليك فبالصرم
وعض عليه الحلم والجهل والقه ... بمرتبةٍ بين العداوة والسلم
فيرجوك تاراتٍ ويخشاك تارةً ... ويأخذ فيما بين ذلك بالحزم
فإن لم تجد بداً من الجهل فاستعن ... عليه بجهالٍ وذاك من العزم
وفي محمد بن عمير يقول بعض الشعراء: من الكامل
علمت معدٌ والقبائل كلها ... أن الجواد محمد بن عطارد