قال محمد بن كعب: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً زهده في الدنيا، وفقهه في الدين، وبصره عيوبه؛ ومن أوتيهن أوتي خير الدنيا والآخرة؛ زاد في آخر: ثم التفت الفضيل إلينا فقال: ربما قال الرجل: لا إله إلا الله، فأخشى عليه النار، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يغتاب بين يديه رجلٌ فيعجبه فيقول: لا إله إلا الله، وليس هذا موضعها، إنما هذا موضع أن ينصح له في نفسه ويقول له: اتق الله.
أصاب محمد بن كعب مالاً فقيل له: ادخر لولدك من بعدك؛ قال: لا ولكن أدخره لنفسي عند ربي، وأدخر ربي لولدي.
كان محمد بن كعب يقول: الدنيا دار فناء ومنزل قلعةٍ، رغبت عنها السعداء وانتزعت من أيدي الأشقياء، فأشقى الناس بها أرغب الناس فيها، وأزهد الناس فيها أسعد الناس بها، هي المقوية لمن أطاعها، المهلكة لمن اتبعها، الخائنة لمن انقاد لها، علمها جهلٌ، وغناها فقرٌ، وزيادتها نقصانٌ، وأيامها دولٌ.
كان محمد بن كعب يقول: اللهم إنك سألتنا من أنفسنا ما لا نملك، فأعطنا من أنفسنا ما يرضيك عنا، حتى نأخذ رضى نفسك من أنفسنا، إنك على كل شيءٍ قدير.
جاء رجل ٌ إلى محمد بن كعب فقال له: ما تقول في التوبة؟ قال: ما أحسنها؛ قال: أفرأيت إن أعطيت الله عهداً أن لا أعصيه أبداً؛ فقال له محمد: فمن حينئذٍ أعظم جرماً منك تألى على الله أن لا ينفذ فيك أمره قعد الفضل الرقاشي إلى محمد بن كعب فذاكره شيئاً من القدر فقال له محمد: تشهد، فلما بلغ: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، رفع محمد عصاً معه فضرب بها رأسه وقال: قم؛ فلما قام فذهب قال: لا يرجع هذا عن رأيه أبداً.
قال محمد بن كعب: إذا رأيتموني أنطق في القدر فغلوني فإني مجنون، فوالذي نفسي بيده ما أنزلت هؤلاء