قال محمد بن المبارك: اعمل لله فإنه أنفع لك من العمل لنفسك، فإذا عملت لله فاعمل للدار التي تحتاج إلى نزولها غداً عند الله عز وجل.
سئل محمد بن المبارك: ما علامة المحبة لله؟ فقال: المراقبة للمحبوب، والتحري لمرضاته؛ ثم قال: من أعطي من المحبة شيئاً فلم يعط من الخشية مثله فهو مخدوعً.
قال محمد بن المبارك: لكل شيءٍ ثمرةٌ، وثمرة المعرفة الإقبال على الله عز وجل.
قال محمد بن المبارك:
بينا أنا أجول في جبال بيت المقدس، إذا أنا بشخصٍ منحدرٍ من جبلٍ، فتأملته فإذا هو امرأةٌ، وعليها مدرعةٌ من صوف وخمارٌ من صوفٍ، فلما دنت مني سلمت علي فرددت عليها السلام؛ فقالت: يا هذا من أين أقبلت؟ قلت لها: غريبٌ قالت: يا سبحان الله، وتجد مع سيدك وحشة الغربة، وهو مؤنس الغرباء ومحث الفقراء؟ قال: فبكيت؛ فقالت: يا هذا مم بكاؤك؟ ما أسرع ما وجدت طعم الدواء؟ قلت: أولا يبكي العليل إذا وجد طعم العافية؟ قالت: لا؛ قلت: ولم ذاك؟ قالت: إنه ما وجد القلب خادماً هو أحب إليه من البكاء، ولا وجد البكاء خادماً هو أحب إليه من الشهيق والزفير في البكاء؛ فقلت لها: عظيني؛ فأنشأت تقول: من مخلع البسيط
دنياك غرارةٌ فذرها ... فإنها مركبٌ جموح
دون بلوغ الجهول منها ... منيته نفسه تطوح
لا ترد الشر واجتنبه ... فإنه فاحشٌ قبيح
والخير خيرٌ فدم عليه ... فإنه واسعٌ فسيح
فقلت لها: زيدي في الموعظة؛ فقالت: سبحان الله، ما كان في موعظتنا من الفائدة ما يغنيك؟ فقلت لها: لا غناء عن طلب الزوائد؛ فقالت: يجب أن تحب ربك شوقاً إلى لقائه، فإن له يوماً يتجلى فيه لأوليائه.