وقال محمد: إن من الناس ناساً غرهم الستر وفتننهم الثناء، فإن قدرت أن لا يغلب جهل غيرك بك علمك بنفسك فافعل.
قال واصل مولى أبي عيينة:
كنت مع محمد بن واسع بمرو، فأتاه عطاء بن مسلم ومعه ابنه عثمان؛ فقال عطاء لمحمد: أي عملٍ في الدنيا أفضل؟ قال: صحبة الأصحاب، ومحادثة الإخوان إذا اصطحبوا على البر والتقوى فحينئذٍ يذهب الله بالخلاف من بينهم، ولا خير في صحبة الأصحاب، ومحادثة الإخوان، إذا كانوا عبيد بطونهم، لأنهم إذا كانوا كذلك ثبط بعضهم بعضاً عن الآخرة.
قال عطاء: يا أبا عبد الله بينا أنا قائمٌ أصلي وأنا غلامٌ إذ أتاني رجلٌ على فرسٍ؛ فقال: يا غلام، عليك بالبر والتقوى فإن البر والتقى يهديان إلى الإيمان، وإياك والكذب والفجور، فإن الكذب والفجور يهديان إلى النار؛ ثم قال: يا بن أخي اصحب أولياء الله فإن أولياء الله هم الألباء العقلاء الحذرون المسارعون في رضوان الله المراقبون الله، فإذا رأيت أهل هذه الصفة فاقرب منهم، فهم أولياء الله؛ فقلت: كيف أعرف أهل النفاق والكذب والفجور؟ قال: أولئك قومٌ إذا رأيتهم يأباهم قلبك، ولا يقبلهم عقلك، إذا سمعت كلامهم سمعت كلاماً خلو الإرادة، ولا منفعة له، وإياك أن تصحب أهل الخلاف؛ قلت: ومن أهل الخلاف؟ قال: المفارقون للسنة والكتاب؛ أولئك عبيد أهوائهم، تراهم مصطحبين وقلوبهم تلعن بعضهم بعضاً، فاحذر هؤلاء واجتنبهم، وعليك بالصلاة، وانته عن محارم الله، وتقرب إلى الله بالنوافل، فإنك إذا كنت كذلك كنت شاكراً عالماً غنياً؛ ثم التفت فلم أر شيئاً.
مر محمد بن واسع بعثمان البتي فقال: إن هذا يقول فيه أهل البصرة منذ أربعين سنة: إنه خيرهم، وما وقر في قلبه من ذلك شيءٌ.