شتم عمر بن يزيد الأسيدي محمد بن واسع، وهو ساكتٌ لا يرد عليه شيئاً؛ فلما سكت قال له: يا مغرور، توشك أن تندم.
أراد ابن هبيرة محمد بن واسع على القضاء، فقال: لتجلسن أو لأضربنك مئة سوطٍ؛ فقال: إن تفعل فمسلطٌ، وذليل الدنيا خيرٌ من ذليل الآخرة.
قال محمد بن واسع: لقم الغضب وسف التراب خيرٌ من الدنو من السلطان.
وأراده بعض الأمراء على بعض الأمر فأبى، فقال له: إنك لأحمقٌ فقال محمد: ما زلت يقال لي هذا مذ أنا صغيرٌ.
استعمل بعض الأمراء بالبصرة عبد الله بن محمد بن واسع على الشرطة، فأتاه محمد بن واسع؛ فقيل له: محمدٌ بالباب فقال القوم: ظنوا به؛ فقال بعضهم: جاء يشكر الأمير على استعمال ابنه؛ فقال: لا ولكنه جاء يطلب لابنه الإعفاء؛ فأذن له، فدخل، فقال: أيها الأمير، بلغني أنك استعملت ابني، وإني لأحب أن تسترنا، سترك الله؛ قال: قد أعفيناه.
أتى محمد بن واسع رجلاً في حاجةٍ قال: أتيتك في حاجةٍ رفعتها إلى الله قبلك، فإن يأذن الله في قضائها قضيتها، وكنت محموداً؛ وإن لم يأذن في قضائها لم تقضها، وكنت معذوراً؛ قال: فقضى حاجته.
قال عمارة بن مهران:
قال لي محمد بن واسع: ما أعجب إلي منزلك؛ قلت: وما يعجبك من منزلي، وهو عند القبور؟ قال: وما عليك، يقلون الأذى ويذكرونك الآخرة.
قال أبو عاصم: كنت أمشي مع محمد بن واسع، فأتينا على المقابر، فدمعت عيناه، ثم قال لي: يا أبا عاصم، لا يغررك ما ترى من جمودهم، فكأنك بهم قد وثبوا من هذه الأجداث، فمن بين مسرورٍ ومغمومٍ.