خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب فأصابته رجمةٌ في وجهه، فجلس يبكي فوجه محمد من جاء به، وجعل يمسح الدم عن وجهه، ثم قال: من مجزوء الرمل
ضربوا قرة عيني ... ومن اجلي ضربوه
أخذ الله لقلبي ... من أناسٍ أحرقوه
وأراد زيادةً في الأبيات فلم يواته طبعه، فقال للفضل بن الربيع: من ها هنا من الشعراء؟ قال: الساعة رأيت عبد الله بن أيوب التيمي، فطلبه، وأنشد البيتين وقال: قل عليهما؛ فقال:
ما لمن أهوى شبيةٌ ... فبه الدنيا تتيه
وصله حلوٌ ولكن ... هجره مر كريهٌ
من رأى الناس له ال ... فضل عليهم حسدوه
مثلما قد حسد القا ... ئم بالملك أخوه
فقال محمد: أحسنت، هذا خيرٌ مما أردت، بحياتي يا عباسي انظر فإن كان جاء على الظهر ملأت أحمال ظهره دراهم، وإن كان جاء في زورقٍ ملأته له؛ فأوقر له ثلاثة أبغلٍ دراهم.
لما قتل الأمين، خرج أبو محمد التيمي إلى المأمون، وامتدحه، فلم يأذن له، فلجأ إلى الفضل بن سهل، وامتدحه فأوصله إلى المأمون، فلما سلم عليه قال له: يا تيمي: