سألتك عن البلد؛ قال: من أهل اليمن؛ قال: كيف تركت محمد بن يوسف؟ قال: تركته عظيماً جسيماً لباساً ركاباً خراجاً ولاجاً؛ قال: ليس عن هذا سألتك؛ قال: فعم سألت؟ قال: سألت عن سيرته، قال: تركته ظلوماً غشوماً مطيعاً للمخلوق عاصياً للخالق؛ فقال له الحجاج: ما يحملك على أن تتكلم بهذا الكلام وأنت تعلم مكانه مني؟ قال الرجل: أتراه بمكانه منك أعز مني بمكاني من الله وأنا وافد بيته ومصدق نبيه، وقاضي دينه؟ قال: فسكت الحجاج، فما أحار به جواباً؛ وقام الرجل من غير أن يؤذن له، فانصرف.
قال طاووس: فقمت في أثره وقلت: الرجل حكيم؛ فأتى البيت فتعلق بأستاره ثم قال: اللهم بك أعوذ وبك ألوذ، اللهم اجعل لي في اللهف إلى جودك والرضى بضمانك مندوحةً عن منع الباخلين، وغنىً عما في أيدي المستأثرين، اللهم فرجك القريب، ومعروفك القديم، وعادتك الحسنة؛ ثم دخلت في الناس فرأيته عشية عرفة، وهو يقول: اللهم إن كنت لم تقبل حجتي وتعبي ونصبي فلا تحرمني الأجر عن مصيبتي بتركك القبول مني؛ ثم ذهب في الناس فرأيته غداة جمعٍ يقول: واسوءتاه منك والله وإن غفرت؛ يردد ذلك.
قال عمر بن عبد العزيز: الوليد بن عبد الملك بالشام، والحجاج بالعراق، ومحمد بن يوسف باليمن، وعثمان بن حيان بالحجاز، وقرة بن شريك بمصر، امتلأت الأرض والله جوراً.
قال ربيعة بن عطاء: قلت عند القاسم بن محمد: قاتل الله محمد بن يوسف ما أجرأه على الله؛ قال: هو أذل وألأم من أن يجترئ على الله، ولكنها الغرة؛ قل: ما أغره بالله.